للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنما هو إيمان أو كفر" (١).

ويقول الإمام أبو بكر الجصاص (٢) في تفسير قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)} [الكافرون: ٦]: "فإنها دلت على أن الكفر كله ملة واحدة؛ لأن من لم يسلم منهم مع اختلاف مذاهبهم مرادون بالآية، ثم جعل دينهم دينًا واحدًا، ودين الإسلام دينًا واحدًا، فدل على أن الكفر مع اختلاف مذاهبه ملة واحدة" (٣).

ويقول ابن كثير في آية الكافرون: "وقد استدل الإمام أبو عبد اللَّه الشافعي وغيره بهذه الآية الكريمة: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} على أن الكفر كله ملة واحدة ... ؛ لأن الأديان ما عدا الإسلام كلها كالشيء الواحد في البطلان" (٤).

وقال رحمه اللّه في قوله تعالى: {حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: ١٢٠]: "وقد استدل كثير من الفقهاء بقوله: {حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}؛ حيث أفرد الملة: على أن الكفر كله ملة واحدة" (٥).

وعليه فكل الملل والنحل تضمنت الوصف بالدينونة بأحد اعتبارين:

الأول: باعتبار أن دينهم هو الشرك والكفر، المقابل لدين الإسلام، فليس هناك إلا دينان دين الإسلام ودين الكفر.


(١) الأم (٧/ ١٢٧).
(٢) هو: أحمد بن علي أبو بكر الرازي الإمام الكبير المعروف بالجصاص، وهو لقب له، مولده سنة ٣٠٥ هـ، سكن بغداد، وعنه أخذ فقهاؤها، كان إمام أصحاب أبي حنيفة في وقته، وكان مشهورًا بالزهد، تفقه علي الكرخي، استقر التدريس ببغداد له، وله في المصنفات: أحكام القرآن، وشرح مختصر الكرخي، وشرح مختصر الطحاوي، وله كتاب مفيد في أصول الفقه، توفي سنة ٣٧٠ هـ. [انظر ترجمته في: طبقات الحنفية (١/ ٨٤)].
(٣) أحكام القرآن للجصاص (٥/ ٣٧٦).
(٤) تفسير ابن كثير (٤/ ٥٦٢).
(٥) المصدر نفسه (١/ ١٦٤).