للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنحل والأديان -سوى دين الإسلام- يجمعها دين الشرك والكفر، ولذا

قيَّد اللَّه الدين في مواضع من كتابه بقوله: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} [آل عمران: ٨٣] وقوله: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢)} [النصر: ٢] كما أضافه في مواضع إلى وصف يخصصه عن غيره بقوله: {دِينَ الْحَقِّ} [التوبة: ٢٩]، و {دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: ٥]، و {الدِّينُ القَيِّمُ} [التوبة: ٣٦] و {دِينَا قِيَمًا} [الأنعام: ١٦١] إلى غير ذلك من الأوصاف التي تدل على أن هناك دينًا آخر لا ينسب للّه تعالى، ولا يتصف بهذه الأوصاف، وهو دين الشرك وملة الكفر.

كما أن اللَّه تعالى وصف ملل الكفر بأنها دين؛ فقال -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)} [الكافرون: ٦]، وقال في أهل الكتاب: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} [المائدة: ٧٧]، وقال في شأن فرعون: {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ} [غافر: ٢٦]، وقال عن اليهود: {وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [آل عمران: ٢٤]، وذمَّ أهل التفرق في الدين بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: ١٥٩] (١).

فدين الإسلام يقابله ويضاده دين الشرك والكفر الذي انتظم جميع أهل الملل والنحل المخالفة له، ولذا عبَّر جمع من العلماء بأن الكفر ملة واحدة.

يقول الإمام الشافعي (٢) في مسألة توريث أهل الكتاب بعضهم من بعض: "ونجعل الكفر ملة واحدة كما جعلنا الإسلام ملة؛ لأن الأصل


(١) انظره بتصرف في: الدعوة إلى تقريب الأديان (١/ ٣٠).
(٢) هو: محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع المطلبي القرشي، إمام جليل صاحب مذهب معروف، ومناقبه كثيرة، من مؤلفاته: الأم، واختلاف الحديث، والرسالة في أصول الفقه، توفي سنة ٢٠٤ هـ. [انظر ترجمته في: الديباج المذهب (ص ٢٢٧)، وما بعدها].