للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثًا: جاء عن بعض أهل العلم -رحمهم اللَّه- القول بعدم جواز إطلاق لفظ (الدين) على غير دين المسلمين، وأنه خاص بدين الإسلام، ولا يطلق على بقية الملل؛ من يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو غيرها - من ملل الكفر، وأنه تعبير شرعي خاص بدين الإسلام مستدلين بمثل قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}.

يقول الشيخ محمود شاكر (١): "فصار بينًا بعد هذا أن اللَّه سبحانه لا يرضى لنا أن نسمي شيئًا من الملل؛ من نصرانية ويهودية وغيرهما دينًا سوى ملة أبينا إبراهيم -عليه السلام-، وملة أنبيائه جميعًا وهي (الإسلام) (دين اللَّه) الذي لا يقبل من عباده دينًا سواه، والذي أرسل به رسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- ليبطل الملل كلها ولا يكون شيء منها يسمى دينًا سوى الإسلام. وإذًا فقول المسلم مثلًا: الأديان السماوية قول مخالف لعقيدة أهل الإسلام في حقيقة هذه الملل" (٢).

ولكن في هذا نظر سيأتي بيانه، وقبل ذلك ينبغي أن يعلم أن الدين دينان لا ثالث لهما؛ دين الإسلام ودين الشرك والكفر، فجميع الملل


(١) هو: محمود بن محمد شاكر، أديب لغوي محقق باحث، ولد بمدينة الإسكندرية سنة ١٣٢٧ هـ، حصل على شهادة الثانوية العامة، وسافر إلى الحجاز، فأنشأ مدرسة جدة الابتدائية، وكان مديرها، وعاد إلى مصر فأنشأ جمعية الشبان المسلمين، وسجن أيام عبد الناصر وانتخب عضوًا في مجمع اللغة العربية، وحصل على جائزة الملك فيصل العالمية، من مؤلفاته: القوس العذراء، ومع المتنبي، وأباطيل وأسمار، وحقق تفسير الطبري ونظم أشعارًا وكتب مقالات كثيرة في الدوريات المصرية والعربية، توفي سنة ١٤١٨ هـ. [ترجمته في: إتمام الأعلام (ص ٢٨٢)، ومن أعلام العصر (ص ٧٣) فما بعدها].
(٢) أباطيل وأسمار (ص ٤٤٠)، والتعبير بـ "الأديان السماوية". تعبير باطل -كما بينه الشيخ- إذ المفهوم منه أن هذه الأديان لا زالت لها علاقة بالوحي السماوي، وهذا غير صحيح وهي خلاف دين الإسلام، إذ غالب ما فيها إما منسوخ أو محرف، وما فيه من أمور موافقة لشريعة الإسلام، فهي من دين الإسلام الذي جاء به نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.