للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يعبدوهم إلا من أجل أن يقربوهم إلى الله زلفى، فكان عذرهم هذا هو عين الشرك بالله تعالى.

يقول الإمام الطبري في تأويل الآية: "لأن المشركين قالوا: ما نعبد أوثاننا هذه إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فقال الله تعالى ذكره لهم: لي ما في السماوات وما في الأرض مع السماوات والأرض ملكًا، فلا ينبغي العبادة لغيري، فلا تعبدوا الأوثان التي تزعمون أنها تقربكم مني زلفى، فإنها لا تنفعكم عندي ولا تغني عنكم شيئًا، ولا يشفع عندي أحد لأحد إلا بتخليتي إياه، والشفاعة لمن يشفع له من رسلي، وأوليائي، وأهل طاعتي" (١).

ويقول الإمام الشوكاني: "فالتوحيد هو دين العالم أوله وآخره وسابقه ولاحقه ومن خالف في ذلك فجعل لله عز وجل شريكًا، وَعَبَدَ الأصنام فإنه كما أرشد إليه القرآن حكاية عنهم بقوله: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} مقر بأنه إيمان، وإنما جعل الشريك وصلة إلى الرب سبحانه، ووسيلة إلى التقريب إليه" (٢).

ويقول الشيخ الشنقيطي: "ثم لما ذكر جل وعلا إخلاص العبادة له وحده بيّن شبهة الكفار التي احتجوا بها للإشراك به تعالى في قوله تعالى هنا: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، فبين أنهم يزعمون أنهم ما عبدوا الأصنام إلا لأجل أن تقربهم من الله زلفى، والزلفى القرابة" (٣).

ثالثًا: قوله تعالى: {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨)} [الأحقاف: ٢٨].


(١) تفسير الطبري (٣/ ٨).
(٢) إرشادات الثقات إلى اتفاق الشرائع (ص ٥).
(٣) أضواء البيان (٦/ ٣٥٢).