للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: عبادة الكواكب.

الثالث: عبادة الملائكة أو الجن.

وبناء على ذلك وضعت الأصنام والأوثان لتكون قائمة مقام هذه المعبودات الغائبة، وتصرف لها العبادة والتوجه والخضوع والتعظيم، هذا هو أصل عبادة الأصنام من دون الله تبارك وتعالى.

يقول الإمام ابن تيمية: "أصل الشرك في العالم كان من عبادة البشر الصالحين، وعبادة تماثيلهم، وهم المقصودون، ومن الشرك ما كان أصله عبادة الكواكب؛ إما الشمس، وإما القمر، وإما غيرهما، وصورت الأصنام طلاسم لتلك الكواكب، وشرك قوم إبراهيم -والله أعلم- كان من هذا، أو كان بعضه من هذا، ومن الشرك ما كان أصله عبادة الملائكة أو الجن وضعت الأصنام لأجلهم" (١).

ويقول الرازي في قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ} [الزمر: ٢٩] مبينًا اختلاف المشركين في علة اتخاذ الأصنام: "فإن قيل هذا المثال لا ينطبق على عبادة الأصنام؛ لأنَّها جمادات فليس بينها منازعة ولا مشاكسة، قلنا: إن عبدة الأصنام مختلفون؛ منهم من يقول: هذه الأصنام تماثيل الكواكب السبعة، فهم في الحقيقة إنما يعبدون الكواكب السبعة، ثم إن القوم يثبتون بين هذه الكواكب منازعة ومشاكسة، ألا ترى أنهم يقولون: زحل هو النحس الأعظم، والمشتري هو السعد الأعظم، ومنهم من يقول هذه الأصنام تماثيل الأرواح الفلكية، والقائلون بهذا القول زعموا أن كل نوع من أنواع حوادث هذا العالم يتعلق بروح من الأرواح السماوية، وحينئذٍ يحصل بين تلك الأرواح منازعة ومشاكسة، وحينئذٍ يكون المثل مطابقًا، ومنهم من يقول هذه الأصنام تماثيل الأشخاص من العلماء والزهاد الذين


(١) مجموع الفتاوى (١٧/ ٤٦٠ - ٤٦١).