للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مضوا، فهم يعبدون هذه التماثيل لتصير أولئك الأشخاص من العلماء والزهاد شفعاء لهم عند الله، والقائلون بهذا القول تزعم كل طائفة منهم: أن المحق هو ذلك الرجل الذي هو على دينه، وأن من سواه مبطل، وعلى هذا التقدير أيضًا ينطبق المثال، فثبت أن هذا المثال مطابق للمقصود" (١).

وذكر رحمه الله أيضًا بعض الأسباب التي دعت المشركين إلى اتخاذ الأصنام فقال: "ورابعها: أنه متى مات منهم رجل كبير يعتقدون فيه أنه مجاب الدعوة، ومقبول الشفاعة عند الله تعالى اتخذوا صنمًا على صورته، يعبدونه على اعتقاد أن ذلك الإنسان يكون شفيعًا لهم يوم القيامة عند الله تعالى على ما أخبر الله تعالى عنهم بهذه المقالة في قوله: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: ١٨] " (٢).

ويوضح الشهرستاني منشأ الشرك بالكواكب والملائكة -بعد أن قسَّمه إلى شرك أصحاب الهياكل وشرك أصحاب الأشخاص- بقوله: "اعلم أن أصحاب الروحانيات لما عرفوا أن لا بد للإنسان من متوسط، ولا بد للمتوسط من أن يرى فيتوجه إليه، ويتقرب به، ويستفاد منه، فزعوا إلى الهياكل التي هي السيارات السبِع؛ فتعرفوا أولًا: بيوتها ومنازلها: وثانيًا: مطالعها ومغاربها، وثالثًا: اتصالاتها على أشكال الموافقة والمخالفة مرتبة على طبائعها، ورابعًا: تقسيم الأيام والليالي والساعات عليها، وخامسًا: تقدير الصور والأشخاص والأقاليم والأمصار عليها.

وكانوا يسمونها أربابًا آلهة، ومنهم من جعل الشمس إله الآلهة ورب الأرباب، وكانوا يتقربون إلى الهياكل تقربًا إلى الروحانيات، ويتقربون إلى الروحانيات تقربًا إلى الباري تعالى، ثم استخرجوا من


(١) التفسير الكبير (٢٦/ ٢٤١ - ٢٤٢).
(٢) التفسير الكبير (٢/ ١٠٤).