للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عجائب الحيل المرتبة على عمل الكواكب ما كان يقضي منهم العجب، وهذه الطلسمات المذكورة في الكتب، والسحر، والكهانة، والتنجيم، والتعزيم، والخواتيم، والصور كلها من علومهم.

وأما أصحاب الأشخاص؛ فقالوا: إذا كان لا بد من متوسط يُتَوَسَّل به، وشفيع يتشفع إليه، والروحانيات وإن كانت هي الوسائل لكنا إذا لم نرها بالأبصار، ولم نخاطبها بالألسن، لم يتحقق التقرب إليها إلَّا بهياكلها، ولكن الهياكل قد تُرَى في وقت، ولا تُرى في وقت؛ لأن لها طلوعًا وأفولًا، وظهورًا بالليل وخفاءً بالنهار، فلم يصف لنا التقرب بها، والتوجه إليها، فلا بد لنا من صور وأشخاص موجودة، قائمة منصوبة نصب أعيننا، نعكف عليها، ونتوسل بها إلى الهياكل، فنتقرب بها إلى الروحانيات، ونتقرب بالروحانيات إلى الله سبحانه وتعالى، فنعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى. فاتخذوا أصنامًا أشخاصًا على مثال الهياكل السبعة، وذلك هو الذي أخبر التنزيل عنهم أنهم عبدة الكواكب والأوثان.

فأصحاب الهياكل هم عبدة الكواكب إذ قالوا بإلهيتها كما شرحنا، وأصحاب الأشخاص هم عبدة الأوثان إذ سموها آلهة في مقابلة الآلهة السماوية، وقالوا: هؤلاء شفعاؤنا عند الله" (١).

ويحصر الإمام ابن القيم أسباب الشرك في العالم في أمرين شرك النجوم وشرك الأموات، فيقول رحمه الله: "والأصنام التي كانوا يعبدونها


(١) الملل والنحل (٢/ ٤٩ - ٥١)، ويجزم الشهرستاني بأن جميع مذاهب أهل الشرك؛ من عبدة الملائكة والكواكب والجن والأنبياء والصالحين وغيرهم يرجعون في نهاية أمرهم إلى عبادة الأصنام، وعلل ذلك بقوله: "اعلم أن الأصناف التي ذكرنا مذاهبهم يرجعون آخر الأمر إلى عبادة الأصنام، إذ كان لا يستمر لهم طريقة إلا بشخص حاضر ينظرون إليه، ويعكفون عليه، وعن هذا اتخذت أصحاب الروحانيات والكواكب أصنامًا، زعموا أنها على صورتها". [الملل والنحل للشهرستاني (٢/ ٢٥٩)، وانظر: التفسير الكبير للرازي (١٣/ ٣٠ - ٣١)].