للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} [المائدة: ٢]: (كان المشركون يحجون البيت الحرام، ويهدون الهدايا، ويعظمون حرمة المشاعر، ويتجرون في حجهم، فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم، فقال الله عزَّ وجلَّ: {لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} (١).

يقول الشهرستاني في بيان حال الجاهلية: "وكانوا يحجون البيت، ويعتمرون، ويحرمون، ويطوفون بالبيت سبعًا، ويمسحون بالحجر، ويسعون بين الصفا والمروة، وكانوا يلبون إلا أن بعضهم كان يشرك في تلبيته في قوله: إلا شريك هو لك تملكه وما ملك، ويقفون المواقف كلها" (٢).

ويقول الإمام ابن تيمية: "كانت العرب تحج إلى اللات، والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، وهم مع ذلك يحجون إلى البيت، ويطوفون به، ويقفون بعرفات، ولهذا كانوا تارة يعبدون الله، وتارة يعبدون غيره، وكانوا يقولون في تلبيتهم: (لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك) " (٣).

وأما الأمر الثاني فالدليل عليه ما يأتي:

أولًا: قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (٦٥)} [العنكبوت: ٦٥].


(١) تفسير الطبري (٦/ ٥٤).
(٢) انظر: الملل والنحل للشهرستاني (٢/ ٢٤٧)، وقال ياقوت الحموي: "ولقد بلغ من تعظيم العرب لمكة أنهم كانوا يحجون البيت، ويعتمرون، ويطوفون، فإذا أرادوا الانصراف أخذ الرجل منهم حجرًا من حجارة الحرم فنحته على صورة أصنام البيت، فيحفى به في طريقه، ويجعله قبلة، ويطوفون حوله، ويتمسحون به، ويصلون له تشبيهًا له بأصنام البيت، وأفضى بهم الأمر بعد طول المدة أنهم كانوا يأخذون الحجر من الحرم فيعبدونه، فذلك كان أصل عبادة العرب للحجارة في منازلهم؛ شغفًا منهم بأصنام الحرم". [معجم البلدان (٥/ ١٨٥)، وانظر: البداية والنهاية (٢/ ١٨٨)، وتاريخ اليعقوبي (١/ ٢٥٤)].
(٣) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٣٥٤).