للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإجابته لدعائهم، وهدايته لقلوبهم، ونصرهم على أعدائهم وغير ذلك من جلب المنافع ودفع المضار فهذا لله وحده يفعله بما يشاء من الأسباب، لا يدخل في مثل هذا وساطة الرسل" (١).

وجميع هذه الأمور التي ذكرها شيخ الإسلام تتعلق بصفات الربوبية.

ويقول -رحمه الله-: "وإن أراد بالواسطة أن لا بد من واسطة في جلب المنافع ودفع المضار، مثل أن يكون واسطة في رزق العباد ونصرهم وهداهم، يسألونه ذلك ويرجعون إليه فيه، فهذا من أعظم الشرك الذي كفر الله به المشركين" (٢).

ويقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ} [الإسراء: ٥٧]: "يقول تعالى قل يا محمد لهؤلاء المشركين الزاعمين أن لله شريكًا من خلقه، العابدين معه غيره ليقربهم إليه زلفى: لو كان الأمر كما يقولون وأن معه آلهة تعبد لتقرب إليه، وتشفع لديه، لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون إليه، ويبتغون إليه الوسيلة والقربة، فاعبدوه أنتم وحده كما يعبده من تدعونه من دونه، ولا حاجة لكم إلى معبود يكون واسطة بينكم وبينه فإنه لا يحب ذلك ولا يرضاه بل يكرهه ويأباه وقد نهى عن ذلك على ألسنة جميع رسله وأنبيائه" (٣).

وأما الواسطة الشرعية الإيمانية، فهي وساطة الأنبياء في تبليغ الرسالة، وإرشاد الأمة إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم، فكل وساطة من الله تعالى في تبليغ دينه وشرعه فهي وساطة شرعية إيمانية لا يصح إيمان الإنسان إلا بالإيمان بها واعتقادها واتباعها، ويدخل في ذلك وساطة الملائكة بين الله ورسله، ووساطة الأنبياء بين الله وخلقه، وكذلك وساطة


(١) مجموع الفتاوى (١١/ ١٧١).
(٢) المصدر نفسه (١/ ١٢٣).
(٣) تفسير ابن كثير (٣/ ٤٢).