للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلماء بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمته، فجميع هذه الوساطات لا تخرج عن حيز التبليغ والدلالة، ولا يحق لها التوسط بين الله وخلقه في الربوبية والألوهية.

والملائكة من جملة تلك الوسائط لتبليغ الوحي والنزول بالشرائع من عند الله تعالى إلى أنبيائه ورسله، كما أنها واسطة في تدبير أوامر الله الكونية.

يقول الشيخ الألوسي: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} [فاطر: ١]: على القولين يحتمل أن يكون معناه جاعل الملائكة عليهم السلام وسائط بينه وبين أنبيائه، والصالحين من عباده يبلغون إليهم رسالته سبحانه بالوحي، والإلهام، والرؤيا الصادقة، أو جاعلهم وسائط بينه وبين خلقه عز وجل يوصلون إليهم آثار قدرته وصنعه؛ كالأمطار والرياح وغيرهما، وهم الملائكة الموكلون بأمور العالم" (١).

ويقول الشيخ السعدي: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا}: في تدبير أوامره القدرية، ووسائط بينه وبين خلقه في تبليغ أوامره الدينية" (٢).

والمقصود أن الملائكة وسائط بين الله وبين تدبيره سبحانه لبعض أمور الكون، فهم من ضمن الأسباب التي يخلق الله بها ما يشاء من المسببات.

يقول الإمام ابن تيمية: "وأما أهل الهدى والفلاح؛ فيؤمنون بهذا وهذا، ويؤمنون بأن الله خالق كل شيء، وربه ومليكه، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وهو على كل شيء قدير، وأحاط بكل شيء علمًا، وكل شيء أحصاه في إمام مبين.

ويتضمن هذا الأصل من إثبات علم الله وقدرته ومشيئته ووحدانيته وربوبيته، وأنه خالق كل شيء، وربه ومليكه، ما هو من أصول الإيمان.


(١) روح المعاني (٢٢/ ١٦١).
(٢) تفسير السعدي (ص ٦٨٤).