للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقول الإمام ابن تيمية: "فإنَّ هذهِ القَوَاعِدَ المُتَعَلِّقَةَ بِتَقْرِيرِ التَّوْحِيدِ وَحَسْمِ مادةِ الشِّرْكِ، والغُلُوِّ، كُلَّما تَنَوَّعَ بيانُها، وَوَضَحَتْ عِباراتُها، كان ذلك نورًا على نورٍ، واللهُ المستعانُ" (١).

ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: "وَكَذَلِكَ القَوَاعِدُ؛ فإنَّ كُلَّ مسألةٍ يَنْبَنِي عليها مَسائلُ، يُسَمِّيها العُلَماءُ قاعِدةً، وَقَدْ صَنَّفَ العُلَماءُ كُتُبًا كِبارًا، وسَمُّوها بالقَواعِد؛ فَمِنْها ما هُوَ في أُصُولِ الفِقْهِ؛ كالقَوَاعِدِ لابنِ عَبْدِ السَّلامِ الشافعيّ، وابنِ اللَّحامِ الحَنْبَلِي، ومِنْها ما هو في الفِقْهِ، كالقَواعِدِ لابنِ رَجَبٍ، وهو كِتابٌ ضَخْمٌ كَبِيرُ الحَجْمِ.

وهذهِ القَواعِدُ التي وَضَعَها شَيْخُنا - رحمه الله -، أَحَقُ بهذا الاسمِ من غَيْرِها، لما يَنْبَنِي عليْها مِنْ أُصُولِ الدِّينِ، فإنَّ مَعْرَفَةَ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيةِ مِنْ تَوْحِيدِ الإلهيةِ، لا يَسَعُ أحدًا جَهْلُهُ. فَمَنْ أَنْكَر هَذهِ القَواعِدَ التي وَضَعَها شَيْخُ الإسلامِ محمد بن عبد الوهاب قَدَّسَ اللهُ روحَه، فَقَدْ كَفَرَ بما تَضمَّنَتْهُ مِنْ أَدْلَّةِ أُصُول الدِّينِ، التي تَضَمَّنَتْها آياتُ القرآنِ المُحْكَماتِ، وَصَحِيح الأحاديثِ؛ وذلك هو الدينُ القيمُ، كما قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠)} [الروم: ٣٠] ... وبهذا البيانِ، يَعْلَمُ المُنْصفُ أنَّهُ لا يُنْكِرُ تِلْكَ القَواعِدَ إلا مَنْ أَقْعَدَهُ جَهْلُه، وَعَمِيَتْ بَصِيرَتُه، وَضَلَّ فَهْمُهُ، وَتَغَيَّرَتْ فِطْرَتُهُ، وَضَاعَ عَقْلُهُ؛ نَعُوذُ باللهِ مِنَ الخُذْلانِ، وَنَسْأَلُهُ مَعْرفَةَ الحَقِّ وَقَبُولَهُ، وَمَحَبَّتَهُ والعَمَلُ بِهِ، والثَّباتَ عَلَيْهِ، والاستقامةَ في الدنيا والآخرةِ؛ ولا حول ولا قوة إلا باللهِ العليِّ العظيمِ، وهو حسبنا ونعم الوكيل" (٢).


(١) مجموع الفتاوى (١/ ٣١٣).
(٢) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (١١/ ٣٦٥ - ٣٦٨).