للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولًا: كمال بيان هذا الدين ووضوحه، وأنه -صلى الله عليه وسلم- قد بلَّغ البلاغ المبين، وأوضح جميع ما أنزل إليه من ربه، ولم يكتم منه حرفًا واحدًا، وهو دين الإسلام بلغه بلا نقص ولا تقصير، فلم يبق فيه إشكال فيحتاج إلى حلّ ولا إجمال فيفتقر إلى تفصيل، قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] (١).

فالأمة ليست في حاجة إلى أحد بعده -صلى الله عليه وسلم- يأتي ليتصرف في شيء من دينه، بزياده أو نقص، وإنما هي في أمس الحاجة، وألح الضرورة إلى من يعرفها حقيقة دينها الذي بعث به محمد -صلى الله عليه وسلم- (٢).

يقول الحافظ ابن عساكر (٣): "فإن اللَّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بعث نبينا محمدًا - صلوات اللَّه عليه وسلامه - فأيده بالآيات الباهرة، والمعجزات القاهرة، حتَّى أوضح الشريعة وبيَّنها، وعلمهم مواقيتها وعينها، فلم يترك لهم أصلًا من الأصول إلا بناه وشيَّده، ولا حكمًا من الأحكام إلا أوضحه ومهَّده" (٤).

ويقول الشيخ حافظ الحكمي: "أن هذا الذي بلغه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن ربه تعالى هو جميع دين الإسلام؛ مكملًا محكمًا، لم يبق فيه نقص بوجه


(١) انظر: معارج القبول (٣/ ١١١٠)، بتصرف.
(٢) انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (١/ ٣٦٢).
(٣) هو: أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اللَّه الدمشقي محدث الشام ثقة الدين، قال الذهبي: (أحد الأعلام في الحديث)، فخر الشافعية وإمام أهل الحديث في زمانه، ولد في مستهل سنة تسع وتسعين وأربعمائة، رحل إلى بلاد كثيرة، وسمع الكثير من نحو ألف وثلاثمائة شيخ، وكان كثير العلم، غزير الفضل، حافظ ثقة متقن دين، خير، حسن السمت، جمع بين معرفة المتون والأسانيد، توفي في رجب عام إحدى وسبعين وخمسمائة، من مؤلفاته: التاريخ الكبير في ثمانين مجلدًا، وفضل أصحاب الحديث، وتبيين كذب المفتري على الشيخ أبي الحسن الأشعري. [انظر: تاريخ الإسلام (٤٠/ ٧٠)، وشذرات الذهب (٤/ ٢٣٩)].
(٤) تبيين كذب المفتري (ص ٣٥٤).