للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الوجوه فيحتاج إلى تكميل، ولم يبق فيه إشكال فيحتاج إلى حل، ولا إجمال فيفتقر إلى تفصيل، قال اللَّه تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}، فكما أن الإمام المبين قد أحصى كل ما هو كائن كما علمه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فكذلك هذا القرآن واف، شاف، كاف، محيط بجميع أصول الشريعة وفروعها، وأقوالها وأعمالها، وسرها وعلانيتها، فمن لم يكفه فلا كفي، ومن لم يشفه فلا شفي، {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١)} [العنكبوت: ٥١]، {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥)} [الأعراف: ١٨٥].

وكما وفَّى بتقرير الدين، وتكميله، وشرحه، وتفصيله، كذلك هو واف بالذب عنه، وبرد كل شبهة ترد عليه، وبقمع كل ملحد ومعاند ومشاق ومحاد، وبدمغ كل باطل وإزهاقه، {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (٣٣)} [الفرقان: ٣٣]، {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: ١٨]، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩] " (١).

ثانيًا: أبطلت القاعدة قول القرامطة الباطنية (٢) الذين يزعمون: أن الرسل ما كانوا يعلمون حقائق العلوم الإلهية، ويجعلون خاصة النبوة هي التخييل.

ولا شكَّ أن هذا القول فيه تنقص للرسل عليه السلام؛ إذ فيه اتهام لهم بالتجهيل وعدم العلم، والأصل الثابت دال على كمال هذا الدين، وأن


(١) معارج القبور (٣/ ١١١٠).
(٢) القرامطة: حركة باطنية هدامة، اعتمدت التنظيم السري العسكري، ظاهرها التشيع لآل البيت والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وحقيقتها الإلحاد والشيوعية والإباحية وهدم الأخلاق والقضاء على الدولة الإسلامية. سميت بهذا الاسم نسبة إلى حمدان قرمط بن الأشعث الذي نشرها في سواد الكوفة سنة ٢٧٨ هـ. [انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (ص ٣٩٥)].