للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض" (١) " (٢).

وكون العبادة غاية لله من جهة أمره -سبحانه وتعالي- بها؛ لأنَّه لا يأمر إلا بما يحب ويرضى فكل ما أمر الله تعالى به فهو من محبوباته ومرضياته، فالله يحب العبادة ويرضى عن من فعلها، فهي من هذه الجهة تعتبر غاية محبوبة لله تبارك وتعالى، وإلا فنفعها وفائدتها حاصلة للعبد، والله غني عن عبادة الخلق، لا تنفعه طاعتهم، ولا تضره معصيتهم؛ ولذا قال سبحانه بعد أن بيَّن هذه الغاية: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨)} [الذاريات: ٥٧، ٥٨].

يقول الشيخ السعدي: "وهذان الأمران؛ وهما معرفة الله وعبادته: هما اللذان خلق الله الخلق لأجلهما، وهي الغاية المقصودة منه تعالى لعباده، وهما الموصلان إلى كل خير وفلاح وصلاح وسعادة دنيوية وأخروية، وهما أشرف عطايا الكريم لعباده، وهما أشرف اللذات على الإطلاق، وهما اللذان إن فاتا فات كل خير، وحضر كل شر، فنسأله تعالى أن يملأ قلوبنا بمعرفته ومحبته، وأن يجعل حركاتنا الباطنة والظاهرة خالصة لوجهه، تابعة لأمره، إنه لا يتعاظمه سؤال، ولا يحفه نوال" (٣).


= وبعثه إليهم عمر ليفقههم، وكان الحسن البصري يحلف ما قدمها عليهم خير منه، ومات بها في ولاية عمر سنة اثنتين وخمسين، ومناقبه شهيرة وهو ممن اعتزل الفتنة وذمها. [انظر ترجمته في: التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة (٢/ ٣١٥)، وسير أعلام النبلاء (٢/ ٥٠٨)].
(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب: ما جاء في قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} (٣/ ١١٦٦) برقم (٣٠١٩).
(٢) مجموع الفتاوى (١٦/ ١٣٦).
(٣) تفسير السعدي (ص ٧٤١).