للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلقتك) فإن هذا أمر عظيم يتعلق بالعقائد التي لا تثبت إلا بنص متواتر اتفاقًا، أو صحيح عند آخرين، ولو كان ذلك صحيحًا لورد في الكتاب أو السُّنَّة الصحيحة، وافتراض صحته في الواقع مع ضياع النص الذي تقوم به الحجة ينافي قوله تبارك وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩]، والذكر هنا يشمل الشريعة كلها قرآنا وسُنّة ... وأيضًا فإن الله تبارك وتعالى قد أخبرنا عن الحكمة التي من أجلها خلق آدم وذريته، فقال -عز وجل-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات: ٥٦]، فكل ما خالف هذه الحكمة أو زاد عليها لا يقبل إلا بنص صحيح عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم- كمخالفة هذا الحديث الباطل" (١).

ومثله حديث: (لولاك ما خلقت الأفلاك) (٢) فإنَّه حديث موضوع، وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية تعقيبًا على من صحح معنى الحديث: "بل هو باطل لفظًا ومعنى، فإن الله تعالى إنما خلق الخلق ليعبدوه، كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)}، ولم يثبت حديث عن النبي -صلي الله عليه وسلم- يدل على أن الخلق خلقوا من أجله لا الأفلاك ولا غيرها من المخلوقات، ومما يدل على ذلك قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (١٢)} [الطلاق: ١٢] " (٣).

وقال الشيخ محمد جمال الدين القاسمي (٤): "ومما هو جدير


(١) التوسل أنواعه وأحكامه (ص ١١٦).
(٢) ذكره العجلوني في كشف الخفاء (٢/ ٢١٤)، وذكره الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة (ص ٣٢٦)، وحكم عليه الألباني بأنه: موضوع. انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة (١/ ٤٥٠) برقم (٢٨٢).
(٣) انظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، جمع وترتيب أحمد بن عبد الرزاق الدويش (١/ ٤٦٥).
(٤) هو: جمال الدين (أو محمد جمال الدين) بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق، ولد سننة ١٢٨٣ هـ، إمام الشام في عصره مولده ووفاته في دمشق. كان سلفي العقيدة =