إلا ظله؛ الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد" (١).
ولم يستحب -سبحانة وتعالي- تعلق القلوب بمقامات الأنبياء والصالحين، أو قبورهم كما هو المشاهد من كثير من الجهال.
ومن ذلك تخصيصه -سبحانه وتعالي- عكوف العبادة بكونه في المساجد لا في غيرها فقال -رحمه الله-: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}[البقرة: ١٨٧].
ومن ذلك ما أمر الله به من قصد المشاعر للذكر والدعاء: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨)} [البقرة: ١٩٨].
فلم يأذن بقصد القبور ولا المشاهد ولا مكانًا بعينه إلا المساجد والمشاعر.
ومن ذلك أمره سبحانه بقصد مسجده الحرام، وبيته العتيق، والمشاعر لأداء مناسك الحج فقال سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧)} [آل عمران: ٩٧]، وقال -عز وجل-: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ}[المائدة: ٩٧]، ولم يأمرنا -سبحانه وتعالي- بقصد الحج إلى قبر أو إلى مشهد.
ثالثًا: أن قصد مكان من الأمكنة من أجل العبادة، لم تأت الشريعة باستحباب قصده، لا يكون إلا عن اعتقاد خصوصية هذا المكان دون غيره، بأن يعتقد بأن العبادة فيه أفضل من المساجد، أو أنها أحب إلى الله تعالى لتعلقها بأحد أوليائه، ولا شك أن هذه الخصوصية لا تثبت إلا
(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجماعة والإمامة، باب: من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد (١/ ٢٣٤)، رقم (٦٢٨)، ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب: فضل إخفاء الصدقة (٢/ ٧١٥)، رقم (١٠٣١).