للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الإمام ابن تيمية: "فلما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقصد تخصيصه بالصلاة فيه، بل صلى فيه لأنَّه موضع نزوله، رأى عمر أن مشاركته في صورة الفعل من غير موافقة له في قصده ليس متابعة، بل تخصيص ذلك المكان بالصلاة من بدع أهل الكتاب التي هلكوا بها، ونهى المسلمين عن التشبه بهم في ذلك، ففاعل ذلك متشبه بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في الصورة، ومتشبه باليهود والنصارى في القصد الذي هو عمل القلب، وهذا هو الأصل؛ فإن المتابعة في السُّنَّة أبلغ من المتابعة في صورة العمل" (١).

وهذه الشجرة ليست هي شجرة البيعة التي بايع النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه تحتها بيعة الرضوان، وإنما تلك خفيت عليهم في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد جاء عن نافع قال: قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: (رجعنا من العام المقبل فما اجتمع اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها، كانت رحمة من الله) (٢).

ولذا جاء في البخاري (٣) عن طارق بن عبد الرحمن (٤) قال:


= عن ابن جريج في قوله تعالى: {يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} قال: ( ... فكانت هذه الشجرة يعرف موضعها، ويؤتى هذا المسجد، حتى كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ فبلغه أن الناس يأتونها، ويصلون عندها فيما هنالك، ويعظمونها؛ فرأى أنَّ ذلك من فعلهم حدث) وحسن إسناده الفاكهي. [انظر: أخبار مكة للفاكهى (٥/ ٧٧)].
(١) مجموع الفتاوى (١/ ٢٨١).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب: البيعة في الحرب أن لا يفروا (٣/ ١٠٨٠)، رقم (٢٧٩٨).
(٣) هو: شيخ الإسلام، وإمام الحفاظ أبو عبد الله، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي مولاهم، البخاري صاحب الصحيح كان رأسًا في الذكاء، رأسًا في العلم، رأسًا في الورع والعبادة توفي سنة ٢٥٦ هـ. [انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي (٢/ ٥٥٥)].
(٤) هو: طارق بن عبد الرحمن البجلي الكوفي، روى عن سعيد بن المسيب، ثقة مشهور إلا أن أحمد بن حنبل قال: ليس حديثه بذاك، وقال يحيى بن سعيد القطان: هو عندي كإبراهيم بن مهاجر، قال الذهبي: قلت قد روى عنه شعبة، وأبو عوانة، ووكيع، ووثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: لا بأس به يكتب حديثه، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. [انظر ترجمته في: ميزان الاعتدال (٣/ ٤٥٤ - ٤٥٥)، ورجال =