للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو أرشدوا إليه، وسبق أنهم أعلم الناس بشريعة الله، وأحبهم لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأنصحهم لله ولعباده، ولم يحفظ عنه -صلى الله عليه وسلم- ولا عنهم أنهم زاروا غار حراء حين كانوا بمكة، أو غار ثور، ولم يفعلوا ذلك أيضًا حين عمرة القضاء، ولا عام الفتح، ولا في حجة الوداع، ولم يعرجوا على موضع خيمتي أم معبد، ولا محل شجرة البيعة، فعلم أن زيارتها وتمهيد الطرق إليها أمر مبتدع لا أصل له في شرع الله" (١).

ثانيًا: ما يتضمنه إحياء هذه الآثار من التشبه بالمشركين وأهل الكتاب الذين يهتمون ويمجدون هذه الآثار، ويعتجرون تعظيمها والعناية بها مظهرًا من مظاهر التقدم والحضارة، بل ورافدًا اقتصاديًا، وموردًا هامًّا يُدِرُّ على الدول الأموال الطائلة، وذلك بسبب فتحهم لأبواب السياحة، التي أصبحت الشغل الشاغل لكثير من الناس.

وقد نهينا عن مشابهتهم كما في حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم" (٢).

يقول الإمام ابن القيم: "ومن خص الأمكنة والأزمنة من عنده بعبادات لأجل هذا وأمثاله كان من جنس أهل الكتاب، الذين جعلوا زمان أحوال المسيح مواسم وعبادات؛ كيوم الميلاد، ويوم التعميد، وغير ذلك من أحواله" (٣).

يقول الشيخ محمود شكري الألوسي في مسألة اتخاذ آثار الأنبياء مساجد؛ والتي نص عليها الشيخ -المجدد الإمام- محمد بن عبد الوهاب في كتابه مسائل الجاهلية ما نصه: "فإن هذه المسألة أيضًا من بدع


(١) المصدر نفسه (٣/ ٣٣٩).
(٢) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب اللباس، باب: في لبس الشهرة (٤/ ٤٤)، رقم (٤٠٣١)، من رواية ابن عمر -رضي الله عنه- وحسنه الحافظ في الفتح (١٠/ ٢٧١).
(٣) زاد المعاد في هدي خير العباد (١/ ٥٩).