للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالأضرحة، وأصبحوا يعبدونها من دون الله ويطوفون بها كما يطاف بالكعبة باسم أن أهلها أولياء، فكيف إذا قيل لهم: إن هذه آثار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" (١).

رابعًا: أن تعظيم آثار الأنبياء والصالحين لا يكون بتمجيد آثارهم الأرضية الترابية، وإنما يكون بتمجيد آثارهم في أفعالهم وأقوالهم وسيرتهم وحياتهم كلها، والاقتداء بهم فيها، واتباع هديهم، واقتفاء طريقتهم، هذا هو التعظيم النافع، الذي تحتاجه الأمة، وهو الذي ينال به العبد محبة الله تعالى ورضوانه والجنة.

فعن الحسن البصري: "أنه رأى قومًا يزدحمون على حمل نعش بعض الموتى الصالحين، فقال: في عمله فنافسوا" (٢).

قال ابن رجب بعد أن نقل قول الحسن: "يشير إلى أن المقصود الأعظم متابعته في عمله، لا مجرد الازدحام على حمل نعشه" (٣).

يقول الشيخ عبد العزيز بن باز: "إن تعظيم الآثار لا يكون بالأبنية، والكتابات، والتأسي بالكفرة، وإنما تعظيم الآثار يكون باتباع أهلها في أعمالهم المجيدة، وأخلاقهم الحميدة، وجهادهم الصالح قولًا وعملًا، ودعوة وصبرًا، هكذا كان السلف الصالح يعظمون آثار سلفهم الصالحين، وأما تعظيم الآثار بالأبنية، والزخارف، والكتابة، ونحو ذلك فهو خلاف هدي السلف الصالح، وإنما ذلك سُنَّة اليهود والنصارى ومن تشبه بهم" (٤).

ويقول الشيخ صالح الفوزان: "إن الأمة ليست بحاجة إلى إحياء


(١) مجموع الفتاوى ومقالات متنوعة (٣/ ٣٣٦).
(٢) فتح الباري، لابن رجب (٣/ ١٧٩) وذكر المحقق أن في إحدى النسخ: (فتنافسوا)، وقد بحثت عن إسناده فلم أجده.
(٣) فتح الباري لابن رجب (٣/ ١٧٩).
(٤) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (١/ ٣٩١).