للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآثار الترابية، وإنما هي بحاجة إلى إحياء السُّنَّة النبوية، واقتصاد في سُنّة خير من اجتهاد في بدعة" (١).

ولذلك عميت غالب آثار الأنبياء؛ كقبورهم، وما كان مختصًا بهم، وتلك رحمة من الله تبارك وتعالى، ثم إنه لا يترتب على معرفتها مصلحة دينية، ولو كانت هناك مصلحة دينية شرعية لبقيت تلك الآثار إلى نهاية الدنيا، إذ هي بهذه الحال جزء من الدين الذي تكفل الله بحفظه، كما أبقى الله آثار الأنبياء في حجهم مثلًا لهذا البيت العظيم، فأبقى البيت العتيق وعرفة ومزدلفة وغيرها من مشاعر الحج، فهي معروفة معلومة لا يجهلها أحد؛ لما سرتب عليها من المصلحة العظيمة إلى نهاية الدنيا.

يقول الإمام ابن كثير فيما يتعلق بأصحاب الكهف: "ولم يخبرنا بمكان هذا الكهف، في أي البلاد من الأرض؛ إذ لا فائدة لنا فيه، ولا قصد شرعي، وقد تكلف بعض المفسرين فذكروا فيه أقوالًا ... فذكرها ثم قال: "والله أعلم بأي بلاد الله هو، ولو كان لنا فيه مصلحة دينية لأرشدنا الله تعالى ورسوله إليه، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما تركت شيئًا يقربكم إلى الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أعلمتكم به" (٢)، فأعلمنا تعالى بصفته ولم يعلمنا بمكانه" (٣).


(١) مقال بعنوان: (أتعجب من استغلالك النصوص في غير مدلولها وليّ أعناقها في غير اتجاهها)، وهو رد على الكاتب عمر كامل، لمعالي الشيخ صالح الفوزان، جريدة المدينة -ملحق الرسالة- الجمعة بتاريخ ٨/ ٣/ ١٤٢٤ هـ.
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٥) برقم (٢١٣٦)، وابن أبي شيبة في المصنف (٧/ ٧٩) برقم (٣٤٣٣٢)، وغيرهم، ولفظه: "ليس من عمل يقرب إلى الجنة إلا قد أمرتكم به، ولا عمل يقرب إلى النار إلا قد نهيتكم عنه ... "، وبلفظ آخر رواه الشافعي في مسنده (ص ٢٣٣)، وعبد الرزاق في مصنفه (١١/ ١٢٥) برقم (٢٠١٠٠)، والزهد، لهناد بن السري (١/ ٢٨١) برقم (٤٩٤)، وحسنه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة (٦/ ٨٦٥) برقم (٢٨٦٦).
(٣) تفسير ابن كثير (٣/ ٧٦).