للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٦]، وقوله - عز وجل -: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥)} [الزمر: ٤٥]، وقوله: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢)} [غافر: ١٢]، وقوله تعالى: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (٤٦)} [الإسراء: ٤٦] (١).

أي: يستكبرون عن كلمة التوحيد أن يقولوها كما يقولها المؤمنون، ويمتنعون منها، وقيل: يستكبرون عن المتابعة، والانقياد لها، فقلوبهم لا تقبل الخير، ومن لم يقبل الخير يقبل الشر، فهم كانوا إذا قيل لهم: لا إله إلا الله استكبروا، ولم يقولوا، بل قالوا مكانها: أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون (٢).

وبقية الآيات أيضًا أشارت إلى هذه الصفة القبيحة، والعادة الذميمة، والطبع المشين للمشركين، والذي يدل على جهلهم، وحماقتهم، وضلالهم، واستكبارهم، وتجبرهم على الحق، وهو أنك إذا ذكرت الله وحده، وقلت: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ودعوت الله وحده دون ما سواه، ظهرت آثار النفرة على وجوههم، وامتلأت قلوبهم غيظًا واشمئزازًا، وإذا ذكرت الأصنام، والأوثان ظهرت آثار الفرح، وتباشير السرور على وجوههم، وانبسطت قلوبهم وانشرحت صدورهم، وذلك يدل على غاية الجهل ومنتهى الحماقة؛ لأن ذكر الله وتوحيده رأس السعادات، وعنوان الخيرات، وأما ذكر الأصنام، وتأليهها مع الله فهو رأس الجهالات والحماقات، فنفرتهم عن ذكر الله وحده، واستبشارهم بذكر هذه الأصنام من أقوى الدلائل


(١) انظر: درء التعارض (١/ ٢٥٥)، وانظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (١٦/ ٢٤٤).
(٢) انظر: شعب الإيمان للبيهقي (١/ ١٠٦)، وتفسير السمعاني (٤/ ٣٩٧)، وتفسير البغوي (٤/ ٢٦)، وتفسير ابن كثير (٤/ ٦)، و (٤/ ٥٧).