للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (٤١) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٢) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)} [الفرقان: ٤١ - ٤٤].

والمعنى: أي ليصرفنا ويثنينا عن عبادتها صرفًا كليًا، بحيث يبعدنا عنها، لا عن عبادتها فقط بأن يجعل الآلهة إلهًا واحدًا، ولولا أن ثبتنا عليها، واستمسكنا بعبادتها، لأضلنا، فزعموا -قبحهم الله- أن الضلال هو التوحيد، وأن الهدى ما هم عليه من الشرك؛ فلهذا تواصوا بالصبر، والاستمرار، والتجلد عليه (١).

فهذه النصوص وما جاء في معناها لتدل أوضح دلالة على أن معترك الخصومة، ومضمون النزال والجدال بين الأنبياء وأقوامهم: إنما كان حول توحيد العبادة والدعوة إلى إخلاص الدين لله.

ثالثًا: ما حكاه الله تعالى عن المشركين من النفور، والصد، والاشمئزاز، والاستكبار، وتسفيه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والطعن في القرآن الكريم، كل ذلك بسبب قول الرسول -عليه السلام- لهم: قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، إضافة لما في نفوسهم من الإصرار على عبادة الآلهة، والأنداد، ورفضهم إخلاص الدين والعبادة لله سبحانه وحده دون ما سواه، وكل هذا يدل دلالة واضحة على أن أصل النزاع كان في توحيد العبادة، وإفراد الله سبحانه بالتأله، وإبطال جميع ما يعبد من دونه سبحانه، ومن تلك النصوص ما يلي:

قوله سبحانه عن المشركين: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦)} [الصافات: ٣٥،


(١) انظر: تفسير أبي السعود (٦/ ٢٢٠)، وتفسير ابن كثير (٣/ ٣٢٠)، وتفسير السعدي (ص ٥٨٣).