للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لَا إلهَ إلَّا الله" (١)، ولهذا جعل محل النزاع بين الرسل وبين الخلق في التوحيد، {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ... } الآية [غافر: ١٢]، {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} [الزمر: ٤٥]، {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (٤٦)} [الإسراء: ٤٦] " (٢).

ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: "فالخصومة: بين الرسل وأممهم، ليست في وجود الرب، وقدرته على الاختراع: فإن الفطر، والعقول: دلتهم على وجود الرب، وأنه رب كل شيء ومليكه، وخالق كل شيء، والمتصرف في كل شيء؛ وإنما كانت الخصومة: في ترك ما كانوا يعبدونه من دون الله" (٣).

ثانيًا: ومما يستفاد من القاعدة أن النزاع بين الرسل وأقوامهم إنما كان في إبطال معبودات المشركين الباطلة من حيث عبادتها والتوجه إليها، ولم يكن نزاعهم من جهة وجودها الحسي، وإمكانها العيني، بل كانت خصومتهم مع المشركين في حقيقة هذه المعبودات، وفي حكم وجودها شرعًا، وفي صحة ما ألبسوها من الأسماء والصفات؛ ولذا ما جاء من التعبير بالنفي المطلق لهذه المعبودات في النصوص الشرعية عائد إلى الحكم الشرعي لا إلى الوجود الحسي (٤).

يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ (٥): "والنزاع


(١) انظر: (ص ٥٠١).
(٢) نهاية الإقدام في علم الكلام للشهرستاني (ص ١٢٣ - ١٢٤)، ونقله عنه شيخ الإسلام في درء التعارض (٣/ ١٢٩ - ١٣٠)، و (٧/ ٣٩٨)، [وانظر: الدعاء ومنزلته من العقيدة الإسلامية للعروسي (٢/ ٨٦٤)].
(٣) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (٢/ ٢٣٤).
(٤) انظر: للتفريق بين الوجود الحسي والشرعي: كتاب الكليات للكفوي (ص ٤١٨).
(٥) هو: هو العلامة الأوحد الكبير الفقيه علامة المعقول والمنقول حاوي علمي الفروع والأصول كما وصفه بهذا علامة العراق محمود شكري الألوسي: الشيخ عبد اللطيف =