للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين الرسل ومن خالفهم، في حقيقة معبوداتهم مع الله، لا في وجودها؛ فإن الوجود أمر محسوس لا ينكر؛ ولكن أهل الكلام يكذبون بالحسيات والبديهيات، ويزعمون أنهم أهل العلم والعقليات، ويسمون نصوص الكتاب والسُّنَّة ظنيات، وقواعد المناطقة قطعيات؛ فلا عجب من ضلالهم، في معنى هذه الكلمة، وما أحسن ما حكى الله عن رسله -عليه السلام- من قولهم لمن كذب بتوحيده، وشك فيما جاءت به رسله: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: ١٠]؛ لأن هذا من أظهر الظاهرات، وأوضح الواضحات، وأبين البينات.

وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل" (١)

ثانيًا: أن الدعوة إلى توحيد العبادة هي مفتتح دعوة جميع الرسل من أولهم إلى آخرهم، لم يشذ نبي في ذلك البتة، ولذا كان أصل النزاع محصورًا فيه، وهذا يدل على أهمية الدعوة إلى التوحيد (٢).

يقول أبو حيان: "أخبر -سبحانه- أنه ما أرسل من رسول إلا جاء مقررًا لتوحيد الله، وإفراده بالإلهية، والأمر بالعبادة، وهذه العقيدة من توحيد الله لم تختلف فيها النبوات، وإنما وقع الاختلاف في أشياء من الأحكام" (٣).

رابعًا: ومما يستفاد من القاعدة أن أصل النزاع والخصومة محصور


= ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب النجدي أبو عبد الله، ولد -رحمه الله- في بلدة الدرعية عام ١٢٢٥ هـ، من مصنفاته: البراهين الإسلامية في الرد على الشبهات الفارسية وعيون الرسائل، ومصباح الظلام وغيرها كثير، توفي عام ١٢٩٣ هـ. [مشاهير علماء نجد (ص ٧٠) فما بعدها].
(١) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (٢/ ٣٤٠).
(٢) سبقت الإشارة إلى هذا المعنى في: قاعدة: دين الأنبياء واحد وهو دين الإسلام (ص ٧٥).
(٣) انظر: تفسير البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٢٨٥).