للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَيْرُهُ وَتَكَاثَر، والثاني: تزايد عن كل شيء وتعالى عنه؛ في ذاته وصفاته وأفعاله، ولما كان سبحانه وتعالى هو الخالق لوجوه المنافع والمصالح، والمبقى لها، وجب وصفه سبحانه بأنه (تبارك وتعالى) " (١).

وقال الشيخ الأمين الشنقيطي: "فمعنى تبارك: تكاثرت البركات والخيرات من قِبَلِهِ، وذلك يستلزم عظمته وتقدسه عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله؛ لأن من تأتي من قِبَلِهِ البركات والخيرات، وَيَدُرُّ الأرزاق على الناس، هو وحده المتفرد بالعظمة، واستحقاق إخلاص العبادة له، والذي لا تأتي من قِبَلِهِ بركة، ولا خير، ولا رزق؛ كالأصنام وسائر المعبودات من دون الله، لا يصح أن يعبد، وعبادته كفر مخلد في نار جهنم" (٢).

وقال أبو السعود (٣) في تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)} [الفرقان: ١]: "البركة: النماء والزيادة حسية كانت أو معنوية، وكثرة الخير ودوامه أيضًا، ونسبتها إلى الله عز وجل على المعنى الأول، وهو الأليق بالمقام، باعتبار تعاليه عما سواه في ذاته وصفاته وأفعاله، التي من جملتها تنزيل القرآن الكريم، المعجز، الناطق بعلو شأنه تعالى، وسمو صفاته، وابتناء أفعاله على أساس الحِكَم والمصالح، وخلوها عن شائبة الخلل بالكلية، وعلى المعنى الثاني باعتبار كثرة ما يفيض منه على مخلوقاته، لا سيما على الإنسان؛ من فنون الخيرات، التي من جملتها تنزيل القرآن المنطوي على جميع الخيرات الدينية والدنيوية" (٤).


(١) انظر: التفسير الكبير (٢٤/ ٣٩).
(٢) أضواء البيان (٦/ ٤).
(٣) أبو السعود الشيخ المفسر محمد بن محمد العمادي، ولد عام ٨٩٨ هـ، من تصانيفه التفسير المشهور بتفسير أبي السعود واسمه: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، توفي سنة ٩٨٢ هـ. [انظر ترجمته في: البدر الطالع (١/ ٢٦١)].
(٤) تفسير أبي السعود (٦/ ٢٠٠).