فالحاصل: أن العلماء أشاروا إلى معنيين للبركة المضافة إلى الله تبارك وتعالى التي هي صفته الذاتية والفعلية، والإمام ابن القيم رَحِمَهُ الله يرى أن لفظة (تبارك) تتضمن المعنيين كليهما، وهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، ولكنه يرى أن تفسير لفظة (تبارك) بالصفة الذاتية أقرب للمعنى من تفسيرها بالصفة الفعلية حسب قواعد اللغة.
يقول رَحِمَهُ الله:"وتفسير السلف يدور على هذين المعنيين، وهما متلازمان" لكن الأليق باللفظة -أي: لفظة (تبارك) - معنى الوصف لا الفعل، فإنَّه فعل لازم مثل: تَعَالَى وَتَقَدَّس وَتَعَاظَمَ؛ ومثل هذه الألفاظ ليس معناها أنه جعل غيره عاليًا، ولا قدوسًا، ولا عظيمًا، هذا مما لا يحتمله اللفظ بوجه، وإنما معناها في نفس من نسبت إليه، فهو المتعالي المتقدس.
فكذلك (تبارك) لا يصح أن يكون معناها بارك في غيره، وأين أحدهما من الآخر لفظًا ومعنى، هذا لازم وهذا متعدّ، فعلمت أن من فسر (تبارك) بمعنى: ألقى البركة، وبارك في غيره لم يصب معناها، وإن كان هذا من لوازم كونه متباركًا، (فتبارك): من باب مَجُدَ، والمجد كثرة صفات الجلال والسعة والفضل، و (بارك) من باب: أعطى وأنعم، ولما كان المتعدي في ذلك يستلزم اللازم من غير عكس فسّر من فسّر من السلف اللفظة بالمتعدي لينتظم المعنيين، فقال: مجيء البركة كلها من عنده، أو البركة كلها من قبله، وهذا فرع على تبارك في نفسه" (١).
فخلاصة معنى القاعدة: أن البركة صفة ذاتية وفعلية لله تبارك وتعالى، وهي كلها لله ملكًا ووصفًا، ومنه مجيئها وابتداؤها، كما أن المخلوق يتصف بالبركة، وهي من آثار صفة الله تعالى الذاتية والفعلية،