للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول ابن كثير: "تبارك: وهو تفاعل من البركة المستقرة الثابتة الدائمة" (١).

ويقول الشيخ الشنقيطي: "الأظهر في معنى (تبارك) بحسب اللغة التي نزل بها القرآن أنه تفاعل من البركة، كما جزم به ابن جرير الطبري، وعليه فمعنى تبارك: تكاثرت البركات والخيرات من قبله؛ وذلك يستلزم (٢) عظمته وتقدسه عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله؛ لأن من تأتي من قبله البركات والخيرات، ويدر الأرزاق على الناس، هو وحده المتفرد بالعظمة واستحقاق إخلاص العبادة له، والذي لا تأتي من قبله بركة ولا خير ولا رزق؛ كالأصنام وسائر المعبودات من دون الله لا يصح أن يعبد، وعبادته كفر مخلد في نار جهنم" (٣).

كما أنه لا يجوز أن تطلق لفظة (تبارك) (٤) على غير الله تعالى، فهي صفة خاصة بالله عزَّ وجلَّ، ولذا فإنك تجدها مطردة في جميع النصوص مضافة إلى الله سُبَحانهُ وتَعَالى، أو إلى أسمائه، ولم تضف ولا في موضع واحد إلى غيره.

يقول الإمام ابن عطية: "وتبارك: فعل مختص بالله تعالى لم يستعمل في غيره؛ ولذلك لم يصرف منه مستقبل ولا اسم فاعل، وهو صفة فعل؛ أي: كثرت بركته" (٥).


(١) تفسير القرآن العظيم (٣/ ٣٠٩).
(٢) المفعولات دالة على الأفعال، والأفعال دالة على الصفات، والصفات لا تنفك عن الذات.
(٣) أضواء البيان (٦/ ٤).
(٤) كما أن (تبارك) فعل جامد لا يتصرف فلا يأتي منه مضارع ولا مصدر، والسبب في ذلك عدم وجود النص، فالواجب عند ذلك التوقيف؛ إذ صفاته سبحانه وأسماؤه مبناها على التوقيف. [انظر: أضواء البيان (٦/ ٤ - ٥)].
(٥) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لابن عطية الأندلسي (٤/ ١٩٩).