للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن القيم مفصلًا لهذا المعنى: "والنوع الثاني: بركة تضاف إليه إضافة الرحمة والعزة، والفعل منها (تبارك)، ولهذا لا يقال لغيره ذلك، ولا يصلح إلا له عزَّ وجلَّ، فهو سبحانه (المُبَارِك)، وعبده ورسوله (المُبَارَك)، كما قال المسيح عليه السلام: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم: ٣١]، فمن بارك الله فيه وعليه فهو المبارَك، وأما صفته (تبارك) فمختصة به تعالى كما أطلقها على نفسه بقوله: {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} [الأعراف: ٥٤]، أفلا تراها كيف اطردت فى القرآن جارية عليه، مختصة به، لا تطلق على غيره" (١).

وقال الشوكاني: "قال العلماء: هذه اللفظة -أى: تبارك- لا تستعمل إلا لله سبحانه، ولا تستعمل إلا بلفظ الماضي" (٢).

ويقول الشيخ محمد بن عثيمين: "قال العلماء: معنى تبارك؛ أي: كثرت بركاته وخيراته، ولهذا يقولون: إن هذا لا يوصف به إلا الله، فلا يقال: تبارك فلان؛ لأن هذا الوصف خاص بالله" (٣).

والسبب في عدم جواز إطلاقها على غير الله تعالى هو أنها لم ترد في النصوص مسندة لغير الله عزَّ وجلَّ، والواجب الوقوف على ما ورد به الشرع، هذا أولًا؛ وثانيًا: لتضمنها لغاية التعظيم والثناء، ونهاية التمجيد والتبجيل، وكل ذلك لا يليق إلصاقه بمخلوق قط، فهي كلمة تعظيم لا تليق إلا بالله تعالى (٤).

ومما سبق يتضح لنا أن التبارك والبركة صفة لله تعالى، ذاتية وفعلية، وأن لفظ (تبارك) خاص بالله عزَّ وجلَّ لا يطلق على غيره سُبَحانهُ وتَعَالى.

ثانيًا: طلب البركة واعتقادها ورجاؤها، عبادة لله عزَّ وجلَّ، وبيان


(١) انظر: بدائع الفوائد (٢/ ٤١١).
(٢) فتح القدير (٤/ ٦٠).
(٣) فتاوى الشيخ ابن عثيمين (١٠/ ١١٠٣).
(٤) فتح القدير، للشوكاني (٤/ ٦٠).