للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك: أن ما شرع لنا التماس البركة منه، أو به، لا يخلو إما أن يكون واجبًا أو مستحبًا أو مباحًا، فالواجب والمستحب لا شك من دخوله في العبادة، وأما المباح فإن قصد به طاعة الله تعالى، أو معنى صحيحًا يحبه الله فإنَّه يدخل في العبادة كذلك، أما إذا لم ينو قصدًا حسنًا محبوبًا لله يثاب عليه فلا يدخل التماسه في العبادة.

كما أن اعتقاد وجود البركة فيما نص عليه الشرع هو من التصديق الواجب الذي يثاب عليه العبد، ويؤجر عليه، بل هو أصل لا يصح الإيمان بدونه؛ لأن عدم اعتقاده يكون من باب التكذيب لله ولكتابه ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول الشيخ عبد العزيز بن باز في جواب سؤال حول التبرك بالقبور: "لأن العبادة حق الله وحده ومنه تطلب البركة" (١).

ويقول الشيخ محمد بن عثيمين: "لأن التبرك بالله وأسمائه لا يمكن أن يستعمل إلا على الوجه الذي ورد؛ لأنَّه عباده، والعبادة مبناها على التوقيف" (٢).

ثالثًا: دلت القاعدة على بطلان فعل المشركين من التماسهم للبركة من الآلهة والأوثان من دون الله سُبَحانهُ وتَعَالى، لأنَّهم بهذا الفعل وهو طلب البركة من الآلهة، واعتقاد أنهم يهبون البركة في الأموال والأولاد، وأن دوام الخير وثباته بسبب القرب منهم، قد صرفوا العبادة لغير الله سُبَحانهُ وتَعَالى، فالطلب والرجاء لا يكون إلا من الله وفي الله تعالى، وهم بفعلهم هذا قد تعلقوا بغير الله في حصول البركة والخير والفضل، ولا شك أنهم عاجزون كل العجز عن تحقيق ما يطلبونه منهم.

فالعلة التي صاروا بها مشركين كونهم اعتقدوا أن الآلهة تملك


(١) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (٤/ ٣٣٠).
(٢) فتاوى نور على الدرب، لابن عثيمين، التوحيد والعقيدة.