للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مالكه، وذلك تأليه للشجرة، [و] من تبرك بالموتى فقد طلب البركة من غير مالكها وواهبها جلَّ وعلا" (١).

ويقول الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله -: "فمعنى تبرك المشركين: أنهم كانوا يرجون كثرة الخير، ودوام الخير، ولزوم الخير، وثبات الخير، بالتوجه إلى الآلهة، وهذه الآلهة يكون منها: الصنم الذي من الحجارة، والقبر من التراب، ويكون منها الوثن، والشجر، ويكون منها البقاع المختلفة، كالغار أو عين ماء، أو نحو ذلك، فهذه التبركات المختلفة جميعها تبركات شركية" (٢).

هذا ما كان يفعله المشركون مع آلهتهم، إذ إن طلبهم للبركة، ورجاءها، واعتقاد كونهم مالكين لها، من الشرك بالله تبارك وتعالى، وبناء على ذلك صرفوا لهم صنوفًا من العبادات والتألهات، من الدعاء والتعظيم، والعكوف عليهم وغير ذلك.

رابعًا: ما خصه الله بالبركة من الذوات، والأماكن، والأزمان، والأقوال، والأفعال، وغير ذلك، هو محض فضل الله، وبالغ حكمته؛ إذ هو مالك البركة، وخالقها، وواهبها، كما قال سبحانه: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨)} [القصص: ٦٨]، ولكن هذا الاختيار والتخصيص له أسباب وموجبات وصفات خلقها الله وقدرها في ذات الشيء الذي بارك فيه، ثم تتفاوت العظمة والقداسة والبركة فيه بعد ذلك بحسب ما يقترن به من أحوال، ويتصل به من أعمال مشروعة يحبها الله تبارك وتعالى.

يقول الإمام ابن القيم: "فليس كل محل يصلح لشكره، واحتمال منته، والتخصيص بكرامته. فذوات ما اختاره واصطفاه من الأعيان


(١) أوضح الإشارة في الرد على من أجاز الممنوع من الزيارة (ص ٢٠٧).
(٢) التمهيد لشرح كتاب التوحيد (ص ١٢٧).