للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خامسًا: أن الأماكن والأزمان المباركة إنما يحصل نفعها، وتحصل بركتها للشخص الذي يطيع الله تعالى فيها، أما ذات المكان والزمان فلا نفع فيه -يرجع إلى المكلف- بدون القيام بطاعة الله تبارك وتعالى، وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- واتباع سُنَّته.

يقول الإمام ابن تيمية: "فالمساجد والمشاعر إنما ينفع فضلها لمن عمل فيها بطاعة الله عزَّ وجلَّ، وإلا فمجرد البقاع لا يحصل بها ثواب ولا عقاب، وإنما الثواب والعقاب على الأعمال المأمور بها والمنهي عنها، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد آخى بين سلمان الفارسي (١) وأبي الدرداء (٢)، وكان أبو الدرداء بدمشق، وسلمان الفارسي بالعراق، فكتب أبو الدرداء إلى سلمان: (هلم إلى الأرض المقدسة. فكتب إليه سلمان: أن الأرض لا تقدس أحدًا، وإنما يقدس الرجل عمله) (٣) " (٤).


(١) هو: سلمان أبو عبد الله الفارسي، ويقال له سلمان بن الإسلام، وسلمان الخير، وقال ابن حبان: من زعم أن سلمان الخير آخر فقد وهم. أصله من رامهرمز، وقيل: من أصبهان، وكان قد سمع بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سيبعث، فخرج في طلب ذلك، فأسر وبيع بالمدينة، فاشتغل بالرق حتى كان أول مشاهده الخندق، وشهد بقية المشاهد، وفتوح العراق، وولي المدائن، وكان عالمًا زاهدًا، خيرًا فاضلًا متقشفًا، سابق الفرس إلى الإسلام، صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- وخدمه وحدث عنه، وكان لبيبًا حازمًا من عقلاء الرجال وعبادهم ونبلائهم، توفي في آخر خلافة عثمان سنة خمس وثلاثين وقيل: سنة ست وثلاثين في أولها. [ترجمته في: الاستيعاب (٢/ ٦٣٥ - ٦٣٨)، وسير أعلام النبلاء (١/ ٥٠٥)، والإصابة (٣/ ١٤١)].
(٢) هو: الصحابي الجليل المشهور، اشتهر بكنيته واختلف في اسمه فقيل عويمر بن عامر، وقيل غير ذلك الأنصاري الخزرجي، أسلم يوم بدر وشهد أُحدًا، توفي -رضي الله عنه- في خلافة عثمان -رضي الله عنه-. [ترجمته في: الإصابة (٤/ ٦٢١ - ٦٢٢)، التقريب (ص ٧٥٩)].
(٣) رواه الإمام مالك في الموطأ، باب: جامع القضاء وكراهيته (٢/ ٧٦٩) رقم (١٤٥٩).
(٤) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٤٣٨)، وانظر: غاية الأماني في الرد على النبهاني، لمحمود شكري الآلوسي (ص ١٥٢).