للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الزرقاني (١) في معنى: (إن الأرض لا تقدس أحدًا): "لا تطهره من ذنوبه، ولا ترفعه إلى أعلى الدرجات، وإنما يقدس الإنسان عمله الصالح في أي مكان" (٢).

سادسًا: أفادت القاعدة أن حصول البركة موقوف على الشرع، فلا يشرع التماس البركة إلا بالطريقة الشرعية التي دلت عليها النصوص الواردة في القرآن والسُّنَّة؛ وبناء على ذلك فإنه يجب التفريق بين ما شُرعَ لمجرد التعبد، أو شُرعَ لمجرد التماس البركة الحسية، أو لمجموعهما، وعليه فالأحوال ثلاثة:

١ - ما شرع لأجل التعبد المحض، ولا يجوز التماس البركة الحسية عن طريقه، كتقبيل الحجر الأسود، فلا يجوز التماس البركة الحسية منه، أو طلب الاستشفاء بمسحه وتقبيله.

٢ - ما أثبت الشارع فيه البركة الحسية، كالاستشفاء بالعسل، فهذا يتبرك به ولا تدخله نية العبادة إلا من حيث اعتقاد صدق ما أخبر به الشارع.

٣ - ما شرع لأجل الأمرين معًا؛ كقراءة القرآن تعبدًا وطلبًا للثواب، وهذا هو الأصل في تنزيله، ثم طلبًا للشفاء والبركة.

وكل هذه الأمور مردها إلى حكم الشارع الحكيم، فما شُرعَ لنا فيه التعبد أو التبرك، أو التعبد مقرونًا بالتبرك فلا يجوز أن يتعدى حكم الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.


(١) هو: العلامة محمد بن عبد الباقي بن يوسف بن أحمد بن علوان الأزهري أبو عبد الله المصري المالكي الشهير بالزرقاني، ولد سنة ١٠٥٥ هـ، وتوفي سنة ١٢٢٢ هـ، من تصانيفه: شرح موطأ مالك في الحديث، وشرح المواهب اللدنية للقسطلاني في إحدى عشر مجلدًا، ومختصر المقاصد الحسنة للسخاوي وغير ذلك. [ترجمته في: كشف الظنون (٢/ ١٨٩٦)، والأعلام (٦/ ١٨٤)].
(٢) شرح الزرقاني على الموطأ (٤/ ٩٣).