الثالثة: معرفة الكيفية الشرعية التي تنال بها بركة هذه العين أو ذاك الشخص، وعمدة ثبوت ذلك على النصوص الشرعية.
وهذا الضابط الأخير من الأهمية بمكان؛ إذ ليس في استطاعة كل أحد أن يلتمس البركة في كل ذات أو عين، وإن ثبتت بركتها من ناحية الشرع، إذ لا بد من التقيد والالتزام بالكيفية الشرعية لالتماس البركة.
وعليه فما هي الصفة الشرعية لالتماس البركة من الأنبياء وأهل العلم والصلاح، وقبل ذلك يجب لفت النظر إلى انقسام التبرك بالذوات سواء كانوا أنبياء أو من تبعهم من أهل العلم والصلاح إلى قسمين:
١ - تبرك عام، ويشترك فيه جميع الأنبياء والمرسلين والعلماء وأهل الصلاح، ويكون سببه العلم والعمل، ولا شك أن الأنبياء هم الأعظم بركة من ناحية العلم والعمل، لكثرة من يقتدي بهم ويتبعهم، ولعظم إيمانهم وطاعتهم وقربهم من الله تعالى، وأعظمهم بركة في ذلك نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ثم الأنبياء من بعده، ثم صحابة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهكذا تكون درجاتهم بحسب ما معهم من العلم والعمل.
ويدخل في التبرك بالنبي -صلى الله عليه وسلم-: التبرك بالإيمان به، واتباعه، وطاعته، ونصرته، وموالاته، ومجاهدة أعداء الدين معه، ودعاؤه لأصحابه، واستغفاره لهم، وتعليمه إياهم.
يقول الإمام ابن عبد البر: "فالبركة والخير كله في اتباع أدب رسول الله، وامتثال أمره -صلى الله عليه وسلم-" (١).
ويقول ابن الحاج: "فالحاصل من هذا: أن البركة كامنة في امتثال السُّنَّة حيث كانت" (٢).
ويقول الإمام ابن تيمية: "بل كل مؤمن آمن بالرسول وأطاعه:
(١) التمهيد (١٨/ ١٨٢).
(٢) المدخل (٣/ ١٤٠).