للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الإمام الطبري رَحِمَهُ الله: "ثم أخبرهم تعالى ذكره أن توجيهه وجهه لعبادته بإخلاص العبادة له، والاستقامة في ذلك لربه على ما يجب من التوحيد، لا على الوجه الذي يوجه له وجهه من ليس بحنيف، ولكنه به مشرك، إذ كان توجيه الوجه لا على التحنيف غير نافع موجهه بل ضاره ومهلكه" (١).

وقال السمعاني رَحِمَهُ الله في قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} [النساء: ١٢٥]: "أي: أخلص عبادته لله، وقيل: توجه بعبادته إلى الله، والوجه يذكر بمعنى الدين والعبادة ومنه قول المصلى: وجهت وجهي؛ أي: ديني وهو الصلاة" (٢).

ويقول الإمام ابن تيمية: "وكذلك توجيه الوجه للذي فطر السموات والأرض توجيه قصده، وإراداته، وعبادته، وذلك يستتبع الوجه وغيره، وإلا فمجرد توجيه العضو من غير عمل القلب لا يفيد شيئًا" (٣).

ويقول الإمام ابن القيم: "وتوجيه وجهه إليه يتضمن؛ إقباله بالكلية على ربه، وإخلاص القصد والإرادة له، وإقراره بالخضوع، والذل، والانقياد، قال تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} [آل عمران: ٢٠]، وذكر الوجه إذ هو أشرف ما في الإنسان، ومجمع الحواس، وأيضًا ففيه معنى التوجه والقصد من قوله:

أستغفر الله ذنبًا لست محصيه ... رب العباد إليه الوجه والعمل" (٤)

ويقول الإمام ابن كثير في قوله تعالى: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي


(١) تفسير الطبري (٧/ ٢٥٢)، وفي نسخة أخرى: "إذا كان توجيه الوجه على غير التحنُّف غير نافع موجِّهه، بل ضارّه ومهلكه". [انظر: تفسير الطبري بتحقيق: الشيخ أحمد ومحمود محمد شاكر (١١/ ٤٨٧)].
(٢) تفسير السمعاني (١/ ٤٨٤)، وانظر: تفسير القرطبي (٧/ ٢٨)، وشرح مسلم للنووي (٦/ ٥٧).
(٣) مجموع الفتاوى (٢/ ٤٣١).
(٤) زاد المعاد (٤/ ٢٤٤).