للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يجب عليه استقبال القبلة لعدم أمنه، وكذلك صلاة المسافر للنافلة فقد رُخِّص له في عدم استقبالها مراعاة للمشقة أثناء السفر (١).

يقول الإمام ابن قدامة (٢) بعد نقله لكلام الخرقي (٣): "ولا يصلى في غير هاتين الحالتين -أي: حالة الخوف وحالة السفر- فرضًا ولا نافلة إلا متوجهًا إلى الكعبة": "قد ذكرنا أن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة، ولا فرق (٤) بين الفريضة والنافلة؛ لأنَّه شرط للصلاة، فاستوى فيه الفرض والنفل؛ كالطهارة والستارة؛ ولأن قوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٥٠] عام فيهما جميعًا" (٥).

وقال الإمام ابن عبد البر: "فالواجب أن لا يصلي إلى غير القبلة إلا في الحال التي وردت بها السُّنَّة لا تتعدى" (٦).


(١) انظر: صحيح البخاري، كتاب صلاة الكسوف، باب: صلاة التطوع على الدواب وحيثما توجهت به (١/ ٣٧٠)، رقم (١٠٤٣)، وانظر: صحيح مسلم (١/ ٣٨٤)، رقم (٥٤٠)، وسنن النسائي (٢/ ٦١)، رقم (٧٤٤).
(٢) هو: عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الدمشقي، موفق الدين، أبو محمد، أحد كبار الحنابلة في عصره، ولد عام ٥٤١ هـ، قال الذهبي: "أحد الأئمة الأعلام"، وقال ابن كثير: "شيخ الإسلام، إمام عالم بارع"، له مصنفات نافعة منها: المغني، والكافي، والمقنع، وروضة الناظر، توفي عام ٦٢٠ هـ. [ترجمته في: سير أعلام النبلاء (٢٢/ ١٦٥ - ١٧٣)، وشذرات الذهب (٥/ ٨٨ - ٩٢)].
(٣) هو: عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد، أبو القاسم الخرقي، أحد أئمة المذهب الحنبلي كان عالمًا بارعًا في المذهب، وكان ذا دين وورع، من مصنفاته المختصر الفقهي الذي شرحه جماعة من العلماء، منهم ابن قدامة في كتابه "المغني" توفي سنة ٣٣٤ هـ. [ترجمته في: طبقات الحنابلة (٢/ ٧٥)].
(٤) الفروق بين الفريضة والنافلة كثيرة ومتعددة، ولكن قصد المصنف التفريق بين الفريضة والنافلة من حيث استقبال القبلة حالة السفر، فتجوز صلاة النافلة للمسافر على الراحلة إلى غير جهة القبلة، أما الفريضة فيجب عليه استقبال القبلة فيها.
(٥) المغني لابن قدامة المقدسي (١/ ٢٦٢)، وانظر: التمهيد لابن عبد البر (١٥/ ٣٢٠) و (١٧/ ٧٢)، أحكام القرآن للجصاص (١/ ٧٨).
(٦) التمهيد لابن عبد البر (١٧/ ٧٧)، وانظر: شرح العمدة لابن تيمية (٤/ ٥٢١).