للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين الجدار ممر الشاة) (١).

الثاني: استقبال مستحب؛ كاستقبال القبلة حال الدعاء، والذكر، وقراءة القرآن، وانتظار الصلاة في المصلى، وحال الوضوء والتيمم، وقد يقال بأن جميع الهيئات والأحوال التي لم يرد فيها أمر بوجوب الاستقبال، أو نهي عنه، فإنَّه يستحب فيها الاستقبال؛ لعموم حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن لكل شيء سيدًا وإن سيد المجالس قبالة القبلة" (٢).

يقول الإمام ابن عبد البر رحمه الله: "فإن القبلة على كل حال يستحب استقبالها بالأعمال التي يراد بها الله عزَّ وجلَّ تبركًا بذلك، واتباعًا للسُّنَّة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أكل ذبيحتنا واستقبل قبلتنا" الحديث" (٣).

ولذا قال المناوي في معنى حديث: "أكرم المجالس": "فيُسن استقبالها في الجلوس للعبادات، سيما الدعاء، وأخذ منه النووي وغيره أنه يُسن للمدرس ونحوه أن يستقبل عند التدريس القبلة إن أمكن" (٤).

يقول الإمام النووي في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر: "فيه استحباب استقبالها للدعاء، ويلحق به الوضوء، والغسل، والتيمم، والقراءة، والأذكار، والأذان، وسائر الطاعات، إلا ما خرج بدليل كالخطبة" (٥).

ومن أهل العلم من عارض هذا التعميم، وجزم بعدم شرعية ذلك، وأنه لا يسن للإنسان أن يستقبل القبلة حالة العبادة إلا ما ورد الدليل


(١) صحيح مسلم، كتاب الصالة، باب دنو المصلي من السترة (١/ ٣٦٤)، رقم (٥٠٨).
(٢) المعجم الأوسط (٣/ ٢٥)، رقم (٢٣٥٤)، والترغيب والترهيب للمنذري (٤/ ٢٩)، رقم (٤٦٦٣) وحسنه، ومجمع الزائد للهيثمي وحسنه (٨/ ٥٩)، وذكر له الشيخ الألباني شاهدًا عن ابن عباس. انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (٦/ ٣٠٠ - ٣٠١)، رقم (٢٦٤٥).
(٣) الاستذكار (٤/ ٢٤٦).
(٤) فيض القدير (٢/ ٩٠).
(٥) شرح صحيح مسلم للنووي (٦/ ١٨٩).