للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمشروعيته؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحرص الخلق على الطاعة، وأحرصهم على تبليغ جميع ما يتقرب به إلى الرب تبارك وتعالى.

يقول الشيخ العثيمين في جواب سؤال عن مشروعية استقبال القبلة حال الوضوء، فأجاب بقوله: "ذكر بعض الفقهاء أنه يستحب استقبال القبلة حال الوضوء، وعلل ذلك بأنه عبادة، وأن العبادة كما يتوجه الإنسان فيها بقلبه إلى الله فينبغي للإنسان أن يتوجه بجسمه إلى بيت الله، حتى أن بعضهم قال: إن هذا متوجه في كل عبادة إلا لدليل، ولكن الذي يظهر لي من السُّنَّة أنه لا يُسن أن يتقصد استقبال القبلة عند الوضوء؛ لأن استقبال القبلة عبادة، ولو كان هذا مشروعًا لكان نبينا -صلى الله عليه وسلم- أول من يشرعه لأمته؛ إما بفعله، وإما بقوله، ولا أعلم إلى ساعتي هذه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتقصد استقبال القبلة عند وضوئه" (١).

لكن في حال الأذان فالواجب استقبال القبلة، وقد نقل الإمام ابن المنذر (٢) الإجماع على ذلك بقوله: "وأجمعوا على أن من السُّنَّة أن تستقبل القبلة بالأذان" (٣).

وذلك لأن مؤذني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يؤذنون مستقبلين القبلة، ولما تضمنه من الذكر ولكونه فيه نوع مناجاة (٤).

ويقول الإمام العيني (٥) في علة التنصيص على الاستقبال في


(١) فتاوى نور على الدرب، شريط كاسيت برقم (٢٤٣) الوجه (أ).
(٢) هو: محمد بن إبراهيم بن المنذر الإمام أبو بكر النيسابوري، نزيل مكة، أحد أعلام هذه الأمة وعلمائها، كان إمامًا، مجتهدًا، حافظًا، ورعًا، وله التصانيف المفيدة السائرة" منها: كتاب الأوسط، وكتاب الإشراف في اختلاف العلماء، وكتاب الإجماع، والتفسير، وكتاب السُنن والإجماع والاختلاف، قال الذهبي: "كان على نهاية من معرفة الحديث والاختلاف، وكان مجتهدًا لا يقلد أحدًا". [انظر: تاريخ الإسلام (٢٣/ ٥٦٨)، وطبقات الشافعية (٣/ ١٠٢)].
(٣) الإجماع لابن المنذر (ص ٣٦).
(٤) انظر: كشاف القناع (١/ ٢٣٩).
(٥) هو: محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين البدر الحلبي الأصل، القاهري =