للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنَّها هيئة ذل وخضوع وعبادة لا تصلح إلا لله، كما حكى ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح عن العلماء، والأمر في ذلك جلي واضح لمن تأمل المقام، وكان هدفه اتباع هدي السلف الصالح.

وكذا ما يفعله بعض الناس من استقبال القبر الشريف من بعيد، وتحريك شفتيه بالسلام أو الدعاء، فكل هذا من جنس ما قبله من المحدثات، ولا ينبغي للمسلم أن يحدث في دينه ما لم يأذن به الله، وهو بهذا العمل أقرب إلى الجفاء منه إلى الموالاة والصفاء" (١).

ويقول الشيخ العثيمين في جواب سؤال عن شرعية استقبال قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- من أي مكان في المسجد: "إذا كان يريد بذلك أن يسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فنقول له: ادن من القبر، فإن زيارة القبر لا بد فيها من الدنو، وإذا كنت تريد أن تدعوه فهو شرك أكبر يخرجك من ملة الرسول- عليه الصلاة والسلام-، أو أن تدعو الله متوجهًا إلى القبر فهذا بدعية ووسيلة للشرك، وليس من المعقول أن تنصرف من بيت الله إلى قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فإن بيت الله الذي يجب على كل مسلم أن يتجه إليه في صلاته أفضل من قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فأفضل بقعة على وجه الأرض هو بيت الله عزَّ وجلَّ الكعبة، فلا يليق بك وأنت تدعي أنك تعبد الله أن تتوجه بدعائك إلى قبر الرسول - عليه الصلاة والسلام- دون أن تتوجه إلى بيت الله، هذا من تسفيه ومن إضلال الشيطان لبني آدم وإغوائه إياهم، وإلا فبمجرد أن يفكر الإنسان بقطع النظر عن الدليل الشرعي يعلم أن هذا ضلال وسفه، حينئذٍ نقول للواقف على هذا الوجه يريد التسليم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نقول له: ادن من القبر، والذي يدعو الله متوجهًا إلى القبر، نقول: هذا بدعة ووسيلة للشرك وضلال في الدين وسفه في العقل؛ لأن توجهك إلى بيت الله أولى من توجهك إلى قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-.


(١) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (١٦/ ١١٠).