للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثواب أعمالهم وأذهبه؛ لأنَّها عملت في غير رضاه، ولا محبته، فبطلت، ولم تنفع عاملها" (١).

وعليه فكل من عرَّف العبادة الشرعية بذكر أصلها، فذكر الخضوع، والتذلل، والخوف، ولم يذكر المحبة، فإن ذلك ليس إهمالًا لها، أو عدم اعتبارها -كيف وهي أصل الإيمان العملي وأساسه- بل إن مقام المحبة لا يتحقق إلا إذا تحقق في القلب الخوف، والرجاء، والخضوع، والتذلل لله تبارك وتعالى، فهم ذكروا في التعريف ما يلتئم منه معنى المحبة وتجتمع عليه (٢).

فالخضوع والذل الذي عرفوا به العبادة إنما هو خضوع وذل خاص مقيّد بمحبوبهم وهو الرب تبارك وتعالى، لا غيره، ولذا يقول الإمام ابن القيم: "وحقيقة التعبد الذل والخضوع للمحبوب" (٣).

ولذا تعقَّب الشيخ تقي الدين الهلالي (٤) تعريف الإمام الشوكاني


(١) تفسير الطبري (٢٦/ ٦٠).
(٢) انظر: مدارج السالكين (١/ ١٣٦).
(٣) الجواب الكافي (ص ١٣٢).
(٤) هو: العلامة المحدث واللغوي الأديب، والرحالة المغربي السلفي محمد تقي الدين بن عبد القادر بن الطيب بن أحمد، ويرجع نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، ولد سنة ١٣١١ هـ، وحفظ القرآن، ودرس على كثير من علماء المغرب، ثم سافر إلى القاهرة، وبعدها إلى الهند، ثم العراق، ثم السعودية مرورًا بمصر، وأصدر في الهند مجلة (الضياء)، وعين محاضرًا في جامعة "بون" بألمانيا، بعدها انتقل إلى جامعة برلين حيث قدم رسالة الدكتوراه: (ترجمة مقدمة كتاب الجماهر من الجواهر مع تعليقات عليها)، بعدها رجع إلى المغرب، وفي سنة ١٩٦٨ م قدم إلى الجامعة الإسلامية وعمل أستاذًا فيها لأكثر من خمس سنوات، ثم عاد إلى المغرب، وتفرغ للدعوة والتعليم، من مؤلفاته: سبيل الرشاد في هدي خير العباد، والإلهام والإنعام في تفسير الأنعام، ومختصر هدي الخليل في العقائد وعبادة الجليل، والهدية الهادية للطائفة التجانية، وحاشية على كتاب التوحيد، وعلى كشف الشبهات للإمام محمد بن عبد الوهاب، وغيرها، توفي في يوم الاثنين ٢٥ شوال ١٤٠٧ هـ. [ترجمته في: مقدمة كتاب: سبيل الرشاد في هدي خير العباد، لتقي الدين الهلالي، تحقيق: مشهور حسن سلمان (١/ ٩٢) فما بعدها].