للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول -رحمه الله-: "وإذا كان أصل الإيمان العملي هو حب الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وحب الله أصل التوحيد العملي، وهو أصل التأليه الذي هو عبادة الله وحده لا شريك له؛ فإن العبادة أصلها أكمل أنواع المحبة، مع أكمل أنواع الخضوع وهذا هو الإسلام" (١).

ويقول الشيخ حافظ حكمي: "ثم اعلم أنها لا تقبل الأعمال الظاهرة ما لم يساعدها عمل القلب، ومناط العبادة: هي غاية الحب مع غاية الذل، ولا تنفع عبادة بواحد من هذين دون الآخر" (٢).

ثانيًا: قررت القاعدة أصول التعبد لله تبارك وتعالى، التي يسير بها العبد إلى ربه تبارك وتعالى، وهي المحبة والخوف والرجاء، فلا تصح عبادة بدون هذه الأصول الثلاثة، فإن المحبة تستوجب الذل والخوف والرجاء، ولا بد، فلا تنفع محبة بدون أصل الخوف والرجاء، ولا ينفع كل من الرجاء والخوف بدون محبة، ومثال ذلك: الطائر الذي يطير في جو السماء، فإن المحبة هي رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فلا يستقر سيره وطيرانه بدون واحد من الثلاثة.

يقول الإمام ابن القيم: "الخوف أحد أركان الإيمان والإحسان الثلاثة التي عليها مدار مقامات السالكين جميعها؛ وهي الخوف، والرجاء، والمحبة، وقد ذكره سبحانه في قوله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (٥٦) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (٥٧)} [الإسراء: ٥٦، ٥٧] فجمع بين المقامات الثلاثة؛ فإن ابتغاء الوسيلة إليه: هو التقرب إليه بحبه، وفعل ما يحبه، ثم يقول: ويرجون رحمته، ويخافون عذابه، فذكر الحب والخوف والرجاء؛ والمعنى: إن الذين تدعونهم من دون الله؛ من الملائكة، والأنبياء،


(١) قاعدة في المحبة (ص ٦٨).
(٢) معارج القبول (٢/ ٤٣٧).