للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الله، وإهانته، وغضبه، وسخطه، والبعد عنه أعظم من التهاب النار في أجسامهم، وأرواحهم، بل التهاب هذه النار في قلوبهم هو الذي أوجب التهابها في أبدانهم، ومنها سرت إليها.

فمطلوب الأنبياء، والمرسلين، والصديقين، والشهداء، والصالحين هو الجنة، ومهربهم من النار، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل" (١).

سادسًا: كما أنه يستفاد من القاعدة في الرد على من جعل الإيمان هو مجرد التصديق بالقلب بدون إقرار اللسان، وبدون عمل القلب من المحبة والخضوع والخوف والرجاء وبدون الانقياد إلى الله بطاعته وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، بل المحبة والخضوع أصل وركن في الإيمان لا يصح إيمان بدون محبة الله تعالى، بل هي شرطه الأعظم، ولا يقبل من أحد إيمان ولا إسلام بدون هذه المحبة لله تعالى.

يقول الإمام أبو الحسن الأشعري في بيان مقالات أهل الفرق في حقيقة الإيمان: "فالفرقة الأولى منهم: يزعمون أن الإيمان بالله هو المعرفة بالله، وبرسله، وبجميع ما جاء من عند الله فقط، وإن ما سوى المعرفة؛ من الإقرار باللسان، والخضوع بالقلب، والمحبة لله، ولرسوله، والتعظيم لهما، والخوف منهما، والعمل بالجوارح، فليس بإيمان، وزعموا أن الكفر بالله: هو الجهل به، وهذا قول يحكى عن جهم بن صفوان، وزعمت الجهمية: أن الإنسان إذا أتى بالمعرفة ثم جحد بلسانه أنه لا يكفر بجحده، وأن الإيمان لا يتبعض، ولا يتفاضل أهله فيه، وأن الإيمان والكفر لا يكونان إلا في القلب، دون غيره من الجوارح" (٢).

ثم إن مقتضى كونهم مشركين أنهم يعبدونه سبحانه أيضًا لكن على


(١) انظر: مدارج السالكين (٢/ ٧٨ - ٨١).
(٢) مقالات الإسلاميين (ص ١٣٢).