للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: قصَدَك بالرَّشَد، وقيلَ: النَّوَى: البُعْد، كأنَّ النَّاوِي يَطْلبُ بعَزْمِه ما لم يَصِل إليه، والنِيَّةُ بالكسر: الوجهُ الذي يُذْهَبُ فيه مِن سَفَرٍ أَو عَمَلٍ، أو الوجهُ الذي يَنْوِيه المُسافِرُ مِن قُرْبٍ أَو بُعْدٍ (١)، وبناء على ما سبق يكون معنى النية لغةً: انبعاث القلب، وقصده نحو ما يراه موافقًا لغرضه؛ من جلب نفع ودفع ضر حالًا ومآلًا (٢).

وحقيقة النية ترجع إلى الإرادة، فالإرادة أصل النية، وهي -أي: الإرادة- صفة تقتضي التخصيص لذاتها عقلًا، شاهدًا وغائبًا، كما يقتضي العلم الكشف لذاته عقلًا، شاهدًا وغائبًا، وترتب الكشف عليه، والتخصيص على الإرادة ليس بمعنى زائد أوجب له ذلك، بل التخصيص مع الإرادة، والكشف مع العلم، نحو: كون العشرة زوجًا، والخمسة فردًا، ليس معللًا بشيء.

ثم إن هذه الإرادة متنوعة إلى: العزم، والهم، والنية، والشهوة، والقصد، والاختيار، والقضاء، و القدر، والعناية، والمشيئة، فهي عشرة ألفاظ (٣).

وهذه الألفاظ غير مترادفة وبينها فروق دقيقة (٤).

يقول القرافي في بيان حقيقة النية: "وأما النية فهي إرادة تتعلق بإمالة الفعل إلى بعض ما يقبله، لا بنفس الفعل من حيث هو فعل، ففرق بين قصدنا لفعل الصلاة، وبين قصدنا لكون ذلك قربة، أو فرضًا، أو نفلًا، أو أداء، أو قضاء، إلى غير ذلك مما هو جائز على الفعل بالإرادة المتعلقة بأصل الكسب والإيجاد، وهي المسماة: بالإرادة، من جهة أن


(١) انظر: تهذيب اللغة (١٥/ ٣٩٩)، وتاج العروس (٤٠/ ١٣٩ - ١٤٠)، ومعجم مقاييس اللغة (٥/ ٣٦٦)، والمصباح المنير (٢/ ٦٣١ - ٦٣٢)، والمعجم الوسيط (٢/ ٩٦٦).
(٢) انظر: الكليات للكفوي (ص ٩٠٢).
(٣) انظر: الأمنية في إدراك النية (ص ٧).
(٤) انظر: الأمنية في إدراك النية (ص ٧ - ١١).