للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول رحمه الله: "والكلام في هذه النية وتفاصيلها لا يختص بعبادة دون عبادة، إذ الفعل بدون هذه النية ليس عبادة أصلًا" (١).

وعمومًا فلا تكاد تنفصل نية قصد العبادة عن نية قصد المعبود، إذ لا يمكن إفراد المعبود بإرادة العبادة دون ما سواه، بدون تمييز العبادة عن غيرها من العبادات أو العادات.

يقول الإمام ابن تيمية: "وقد اتفق الفقهاء على أن نية نوع العمل الواجب لا بد منها في الجملة، فلا بد أن يقصد الصلاة، أو الحج، أو الصيام، ولهم في فروع ذلك تفصيل وخلاف ليس هذا موضعه" (٢).

ويقول -رحمه الله- في بيان دليل وجوب كلا النيّتين: "وإنما وجب كل واحد من النيّتين؛ لأن الله فرض علينا أن نقيم دينه بالشريعة التي بعث بها رسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، إذ لا يقبل منا أن نعبده بشريعة غيرها.

والأعمال المشروعة مؤلفة من: أقوال، وأعمال مخصوصة، قد يعتبر لها أوقات وأمكنة مخصوصة، وصفات، كلما كان فرضًا علينا أن نعبد الله، وأن تكون العبادة على وصف معين، كان فرضًا علينا أن نقصده القصد الذي نكون به عابدين، والقصد الذي به نكون عابدين بنفس العمل الذي أمر به" (٣).

ويقول الإمام ابن القيم في بيان التلازم بين نوعي النية: "وهي -أي: النية بنوعيها- مرادة للشارع، بل هي وظائف العبودية، فكيف يؤدي وظائف العبودية من لا يخطر بباله التمييز بين العبادات والعادات، ولا التمييز بين مراتب تلك الوظائف، ومنازلها من العبودية، هذا أمر ممتنع عادة، وعقلًا، وشرعًا، فالنية هي سر العبودية، وروحها، ومحلها من العمل محل الروح من الجسد" (٤).


(١) شرح العمدة (٤/ ٥٧٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٦/ ٢٩).
(٣) المصدر السابق (٢٦/ ٢٦).
(٤) بدائع الفوائد (٣/ ٧٠٦).