النية لازمة لذلك، فلا يخلو متحرك من نية يتحرك بها، وعليه فتكون جميع الأعمال الصادرة من الحي المتحرك صادرة عن نية وإرادة كانت سببًا في تحركه، ولولا هذه الإرادة وتلك النية لما تحرك حي.
فجميع الأعمال الصادرة من الحي المتحرك سواء كانت صالحة، أم فاسدة لا توجد بدون النية، فالنية هي شرط حصولها، سواء كانت نية شرعية، أم نية مباحة.
ثم لا بد لهذه الإرادة والنية أن تكون متوجهة ومائلة إلى المعبود الحق، المقصود لذاته دون ما سواه، وهو الرب تبارك وتعالى، فذلك شرطها لتكون نافعة لصاحبها، مصلحة لأحواله وشؤونه، فإن مالت إلى غيره فلا أضر على العبد من ذلك.
يقول الإمام ابن تيمية في بيان ذلك:"فالإنسان متحرك بالإرادة، وكل مريد لا بد له من مراد، والذي يجب أن يكون هو المراد المقصود بالحركات هو الله، فصلاح النفوس وسعادتها وكمالها في ذلك، ... وكل إرادة لا يكون الله هو المراد المقصود بالقصد الأول بها، كانت ضارة لصاحبها، مفسدة له غير نافعة، ولا مصلحة له، وليس ما يستحق أن يكون هو المحبوب لذاته، المراد لذاته، المطلوب لذاته، المعبود لذاته: إلا الله، كما أنه ليس ما هو بنفسه مبدع، خالق إلا الله، فكما أنه لا رب غيره، فلا إله إلا هو"(١).
ويقول رحمه الله:"ولهذا كان من أجمع الكلام وأبلغه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، وهذا يعم كل عمل، وكل نية.
فكل عمل في العالم هو بحسب نية صاحبه، وليس للعامل إلا ما نواه، وقصده، وأحبه، وأراده بعمله، ليس في ذلك تخصيص، ولا