للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩)} [الروم: ٣٩]، وقوله سبحانه: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠)} [الليل: ١٩، ٢٠]، فعلَّق الأجر والخير والثواب والنعمة على النية الصالحة التي تتضمن إرادة وجه الله سبحانه دون ما سواه.

ومن ذلك قوله عزَّ من قائل: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (١١٤)} [النساء: ١١٤].

يقول الإمام ابن رجب في معنى الآية: "فنفى الخير عن كثير مما يتناجى الناس به إلا في الأمر بالمعروف، وخصَّ من أفراده الصدقة، والإصلاح بين الناس لعموم نفعهما، فدل ذلك على أن التناجي بذلك خير.

وأما الثواب عليه من الله فخصَّه بمن فعله ابتغاء مرضات الله.

وإنما جعل الأمر بالمعروف من الصدقة، والإصلاح بين الناس وغيرهما خيرًا، وإن لم يُبْتَغَ به وجه الله لما يترتب على ذلك من النفع المتعدي، فيحصل به الناس إحسان وخير، وأما بالنسبة إلى الأمر، فإن قصد به وجه الله، وابتغاء مرضاته، كان خيرًا له، وأثيب عليه، وإن لم يقصد ذلك، لم يكن خيرًا له، ولا ثواب له عليه.

وهذا بخلاف من صلى وصام وذكر الله، يقصد بذلك عرض الدنيا، فإنه لا خير له فيه بالكلية؛ لأنه لا نفع في ذلك لصاحبه؛ لما يترتب عليه من الإثم فيه، ولا لغيره؛ لأنه لا يتعدى نفعه إلى أحد، اللَّهُمَّ إلا أن يحصل لأحد اقتداء به في ذلك (١).

ثالثًا: ما ورد من الأحاديث النبوية المصرحة بأن العمل لا اعتبار


(١) انظر: جامع العلوم والحكم (ص ١٢).