للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له بدون النية، وأن العمل الخالي عن النية يكون فاسدًا لا ثواب فيه ولا أجر، وصاحبه متوعد بالعذاب والعقاب، ومن ذلك:

١ - حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:

"الأَعْمَالُ بالنِّيَّةِ ولِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى فَمَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورسولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورسولِهِ ومَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ لدنْيَا يُصِيبُهَا أو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُها فَهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إِليهِ" (١).

فهذا الحديث يعتبر نصًا في القاعدة، لتضمنه معنى القاعدة، إذ فيه التنصيص على أن لكل عامل من الأجر والثواب وصحة العمل بحسب نيته التي نواها، ثم قرَّب ذلك بالهجرة، وأن من هاجر ونيته الله ورسوله، فهجرته واقعة ومنصرفة إلى الله ورسوله، صحة وأجرًا، وأما من هاجر ونيته الدنيا أو النكاح فهجرته واقعة ومنصرفة إلى ما نواه؛ أي: لا صحة لهجرته، ولا ثواب فيها.

يقول الإمام ابن العربي: "وهذا حديث غريب اجتمعت فيه فائدتان:

إحداهما: تأسيس القاعدة.

والثانية: عموم اللفظ في كل حكم منوي" (٢).

ويقول الإمام الشاطبي: "الأحكام الخمسة إنما تتعلق بالأفعال والتروك بالمقاصد، فإذا عريت عن المقاصد لم تتعلق بها، والدليل على ذلك أمور:

أحدها: ما ثبت من أن الأعمال بالنيات، وهو أصل متفق عليه في


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة (١/ ٣٠) برقم (٥٤)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب: قوله -صلى الله عليه وسلم- إنما الأعمال بالنية وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال (٣/ ١٥١٥) برقم (١٩٠٧).
(٢) أحكام القرآن، لابن العربي (١/ ٢٢ - ٢٣).