للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنيات إحدى القواعد الخمسة الكبرى وعبَّروا عنها بقولهم: (الأمور بمقاصدها) (١).

وفيما يلي أذكر بعض ما ظهر لي من فوائد وتطبيقات يمكن أخذها من القاعدة:

الفائدة الأولى: أشارت القاعدة إلى التلازم والارتباط الحاصل بين صلاح الظاهر وصلاح الباطن، فلا اعتبار بالظاهر إلا بتحقق الباطن وصلاحه، وهذا مما يدلى على أهمية وعظم أعمال القلوب، وأنها هي الأصل الذي تقوم عليه جميع الأعمال.

يقول الإمام ابن تيمية: "وكلما أوجبه الله على العباد لا بد أن يجب على القلب؛ فإنه الأصل، وإن وجب على غيره تبعًا، فالعبد المأمور المنهي إنما يعلم بالأمر والنهي قلبه، وإنما يقصد الطاعة والامتثال القلب، والعلم بالمأمور، والامتثال يكون قبل وجود الفعل المأمور به؛ كالصلاة، والزكاة، والصيام، وإذا كان العبد قد أعرض عن معرفة الأمر، وقصد الامتثال، كان أولى المعصية منه، بل كان هو العاصي وغيره تبع له في ذلك، ولهذا قالى في حق الشقي: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢)} [القيامة: ٣١، ٣٢] الآيات، وقال في حق السعداء: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: ٢٥] في غير موضع.

والمأمور نوعان: نوع هو عمل ظاهر على الجوارح، وهذا لا يكون إلا بعلم القلب وإرادته، فعلم القلب وعمله هو الأصل فيه؛ كالوضوء، والاغتسال، وكأفعال الصلاة، من القيام، والركوع، والسجود، وأفعال الحج من الوقوف والطواف.


(١) انظر إلى مزيد من التفصيل لهذه القاعدة: القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير (١/ ١٩٥)، وقواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية، دراسة أصولية في ضوء المقاصد الشرعية (ص ٢٢٣).