للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلقه لا ملك مقرَّب ولا نبيّ مرسل (١).

ومما ينبغي التنبيه عليه أن ربوبية الله تعالى على خلقه قسمان:

١ - ربوبية عامة، وهي شاملة لجميع ما خلقه الله تعالى في هذا الكون، من الخلق والرزق والإحياء والإماتة والتدبير وغير ذلك مما فيه صلاح دنياهم، واستقامة معايشهم، وسلامة أبدانهم، وهذا مما يشترك فيه المؤمن والكافر، والبرّ والفاجر.

٢ - ربوبية خاصة، وهي ربوبية الهداية والرشاد، والتأييد والنصر على الأعداء، وهي متعلقة بخواص الخلق من الأنبياء وأتباعهم من أهل الإيمان والصلاح، فيربيهم بالإيمان والطاعة، وبالعلوم النافعة، والعقائد الصحيحة، والأعمال الصالحة، والأخلاق الجميلة، وهذه هي التربية النافعة للقلوب والأرواح، المثمرة للسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة (٢).

ولما كانت حاجة الأنبياء والأولياء من المؤمنين إلى ربوبيته تعالى الخاصة ملحةً وعظيمةً، بحيث لا يستغنون عنها طرفة عين ناسب أن تكون غالب أدعيتهم بلفظ (الرب) دون لفظ (الإله)، إذ إن مطالبهم كلها مندرجة تحت ربوبيته الخاصة (٣).

يقول الإمام ابن تيمية: "ونظيرها من بعض الوجوه: الربوبية والعبودية؛ فإنهما وإن اشتركتا في أصل الربوبية والعبودية، فلما قال: { ... بِرَبِّ اَلعَلَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَرُونَ (١٢٢) [الأعراف: ١٢١، ١٢٢]، كانت ربوبية موسى وهارون لها اختصاص زائد على الربوبية العامة للخلق؛ فإن من أعطاه الله من الكمال أكثر مما أعطى غيره فقد ربه ورباه ربوبية وتربية


(١) انظر: التمهيد على كتاب التوحيد (ص ٦).
(٢) انظر: المفيد على كتاب التوحيد، للشيخ عبد الله بن صالح القصير (ص ٨ - ٩).
(٣) انظر: تفسير السعدي (ص ٣٩).