للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من المجوس ونحوهم يقولون: إن العالم صادر عن أصلين؛ النور والظلمة، والنور عندهم هو إله الخير المحمود، والظلمة هي الإله الشرير المذموم، وبعضهم يقول: إن الظلمة هي الشيطان؛ وهذا ليجعلوا ما في العالم من الشر صادرًا عن الظلمة" (١).

ويقول رَحِمَهُ الله أيضًا في بيان شرك قوم إبراهيم وأنهم ممن أقرَّ بالخالق: "والمقصود هنا: أن المشركين لم يكونوا يثبتون مع الله إلهًا آخر مساويًا له في الصفات والأفعال، بل ولا كانوا يقولون: إن الكواكب والشمس والقمر خلقت العالم، ولا أن الأصنام تخلق شيئًا من العالم، ومن ظن أن قوم إبراهيم الخليل كانوا يعتقدون أن النجم أو الشمس أو القمر رب العالمين، أو أن الخليل عليه السلام لما قال: {هَذَا رَبِّي}، أراد به (رب العالمين)، فقد غلط غلطًا بينًا، بل قوم إبراهيم كانوا مقرين بالصانع وكانوا يشركون بعبادته كأمثالهم من المشركين، قال تعالى عن الخليل: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (٧٧)} [الشعراء: ٧٧]، فأخبر تعالى عن الخليل: أنه عدو لكل ما يعبدونه إلا لرب العالمين، وأخبر أنهم يقولون يوم القيامة: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)} [الشعراء: [٩٧، ٩٨] ... وقال: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩)} [الأنعام: ٧٩]، ولم يقل: من المعطلين؛ فإن قومه كانوا يشركون ولم يكونوا معطلين كفرعون اللعين، فلم يكونوا جاحدين للصانع، بل عدلوا به وجعلوا له أندادًا في العبادة والمحبة والدعاء" (٢).


=وهؤلاء قالوا بتساويهما في القدم واختلافهما في الجوهر والطبع والفعل والحيز والمكان والأجناس والأبدان والأرواح [انظر: الفهرست (ص ٤٤٢) وما بعدها، والملل والنحل (١/ ٢٤٤)].
(١) الجواب الصحيح (١/ ٣٥١).
(٢) الجواب الصحيح (١/ ٣٥٤ - ٣٥٦).