للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجميع ما سبق من آيات فيها إقرار المشركين بربوبية الله تعالى وكونه الخالق والمالك والمدبر لكل ما في الكون، وفيما يلي بعض أقوال المفسرين في هذه الآيات:

روى الإمام الطبري عن ابن عباس -رضي الله عنه- في تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)} [يوسف: ١٠٦]: "قال من إيمانهم إذا قيل لهم: من خلق السماء، ومن خلق الأرض، ومن خلق الجبال، قالوا: الله، وهم مشركون" (١).

ويقول الإمام ابن جرير: "يقول تعالى ذكره ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله: من خلق السماوات والأرض فسواهن وسخر الشمس والقمر لعباده يجريان دائبين لمصالح خلق الله، ليقولن الذي خلق ذلك وفعله الله، {فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧)} [الزخرف: ٨٧] يقول جلَّ ثناؤه: فأنى يصرفون عمن صنع ذلك فيعدلون عن إخلاص العبادة له" (٢).

ويقول الرازي في تفسيره: "الأصل الأول: هو أن هؤلاء المشركين مقرون بوجود الإله القادر العالم الحكيم الرحيم، وهو المراد بقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: ٢٥] " (٣).

ويقول يحيى العمراني: "وقد علمنا أن الكفار عرفوا بعقولهم أن الله خلقهم وأنه خلق السموات والأرض، قال الله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزمر: ٣٨]، ويعرفون أيضًا أنه لا ينجيهم من ظلمات البر والبحر إلا الله، ويدعون إلى الله أن ينجيهم، وبذلك أخبر الله عنهم" (٤).

ويقول الإمام ابن تيمية: "وأما قوله: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ


(١) تفسير الطبري (١٣/ ٧٧)، وحسَّنه الحافظ ابن حجر في الفتح. انظر: (١٣/ ٤٩٥).
(٢) تفسير الطبري (١٢/ ١١).
(٣) التفسير الكبير (٢٦/ ٢٤٥).
(٤) الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (٣/ ٧٩٥).